106

Burhan Fi Culum Quran

البرهان في علوم القرآن

Investigador

محمد أبو الفضل إبراهيم

Editorial

دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٣٧٦ هـ - ١٩٥٧ م

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إن الله غفور رحيم﴾ وجه المناسبة في الحكم مَحْمُولٌ عَلَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ إِنَّ مَنْ حَضَرَ الْمُوصِيَ فَرَأَى مِنْهُ جَنَفًا عَلَى الْوَرَثَةِ فِي وَصِيَّتِهِ مَعَ فَقْرِهِمْ فَوَعَظَهُ فِي ذَلِكَ وَأَصْلَحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حَتَّى رَضُوا فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَفُورٌ لِلْمُوصِي إِذَا ارْتَدَعَ بِقَوْلِ مَنْ وَعَظَهُ فَرَجَعَ عَمَّا هَمَّ بِهِ وَغُفْرَانُهُ لِهَذَا بِرَحْمَتِهِ لَا خَفَاءَ بِهِ وَالْإِثْمُ الْمَرْفُوعُ عَنِ الْقَائِلِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِثْمَ التَّبْدِيلِ السَّابِقِ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَمَنْ بدله بعد ما سمعه﴾ يَعْنِي مِنَ الْمُوصِي أَيْ لَا يَكُونُ هَذَا الْمُبَدِّلُ دَاخِلًا تَحْتَ وَعِيدِ مَنْ بَدَّلَ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّ تَبْدِيلَ هَذَا تَضَمَّنَ مَصْلَحَةً رَاجِحَةً فَلَا يَكُونُ كَغَيْرِهِ وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَى ذَلِكَ مَوَاضِعُ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الحكيم﴾ فَإِنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ﴾ يُوهِمُ أَنَّ الْفَاصِلَةَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَكَذَا نُقِلَتْ عَنْ مُصْحَفِ أُبَيٍّ ﵁ وَبِهَا قَرَأَ ابْنُ شنبوذ ولكن إذا أمعن النَّظَرُ عُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا عَلَيْهِ التِّلَاوَةُ لِأَنَّهُ لَا يَغْفِرُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ العذاب إلا من ليس فوقه أحد يَرُدَّ عَلَيْهِ حُكْمَهُ فَهُوَ الْعَزِيزُ لِأَنَّ الْعَزِيزَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ هُوَ الْغَالِبُ مِنْ قَوْلِهِمْ عَزَّهُ يَعِزُّهُ عِزًّا إِذَا غَلَبَهُ وَوَجَبَ أَنْ يُوصَفَ بِالْحَكِيمِ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَكِيمَ مَنْ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي مَحَلِّهِ فَاللَّهُ تَعَالَى كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُخْفِي وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي بَعْضِ أَفْعَالِهِ فَيَتَوَهَّمُ الضُّعَفَاءُ أَنَّهُ خَارِجٌ عَنِ الْحِكْمَةِ فَكَانَ فِي الْوَصْفِ بِالْحَكِيمِ احْتِرَاسٌ حَسَنٌ أَيْ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ مَعَ اسْتِحْقَاقِهِمُ الْعَذَابَ فَلَا مُعْتَرَضَ عَلَيْكَ لِأَحَدٍ فِي ذَلِكَ وَالْحِكْمَةُ فِيمَا فعلته قيل: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَطَعَ لَهُمْ بِالْعَذَابِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ . وقيل لأنه

1 / 89