أي عند مشاهدة تلك الأهوال الجلائل، ثم قال تعالى تأكيدا لذلك الوعيد (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣)
ثم أعقب تعالى هذا بيان ما جعله سنة في عباده من ارتباط الثواب والعقاب معجلة ومؤجلة بأوقات وأحيان لا انفكاك لهما عنها،
ولا تقدم ولا تأخر إذ استعجال البطش في الغالب إنما يكون ممن يخاف الفوت، والعالم بجملتهم لله تعالى وفي قبضته لا يفوته أحد منهم ولا يعجزه، قال تعالى: "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم "
وكان هذا يزيده إيضاحا قوله ﷿ "إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار"
وقوله: "وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ"
وقوله: "يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ... الآية.
وتأمل نزول قوله تعالى: "رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ"
على هذا وعظيم موقعه في اتصاله به ووضوح ذلك كله.
وأما افتتاح السورة بقوله: " (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١) "
فأحاله على أمرين واضحين أحدهما ما نبه به سبحانه من الدلائل
والآيات كما يفسر،
والثاني ما بينه القرآن المجيد وأوضحه وانطوى عليه من الدلائل
والغيوب والوعد والوعيد وتصديق بعض ذلك بعضا، فكيف لا يكون المتوعد به في قوة الواقع الشاهد لضدة البيان، في صحة الوقوع، فالعجب من التوقف والتكذيب ثم أعقب هذا بقوله: "رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ".
1 / 241