Constructores del Islam: Mahoma y sus Sucesores
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Géneros
لقد فعل أبو بكر رضي الله عنه أكثر من هذا، وأعظم من هذا، وأجل من هذا، لقد علم الجيش من كبار رجاله الانصياع إلى الطاعة، وحب النظام، والجري في الحرب على سنن الإنسانية والرجولة والنخوة، والتحلي بجميع صفات الجندية الحقة.
أما الطاعة وحب النظام فقد مثلهما أبو بكر في خروجه مع الجيش إلى ظاهر المدينة وهو سائر على قدميه خلف أسامة الذي كان ممتطيا صهوة جواده، خليفة رسول رب العالمين يمشي وأسامة يركب! فإذا قال له أسامة: «يا خليفة رسول الله، لتركبن أو لأنزلن»، أجابه في تواضع رفيع، بل هو الرفعة كل الرفعة: «والله لا نزلت، ولا ركبت، وما علي أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله.»
وإنها لعمري المثل الأعلى لمظاهر الطاعة.
وقبيل توديع أبي بكر للجيش استأذن أسامة في أن يسمح بتخلف عمر في المدينة ليعاونه كوزير على تفقد شئون المسلمين، فقبل أسامة راضيا مرتاحا.
وإن في ذلك لمثلا أعلى لحب النظام.
وخطب أبو بكر الجيش يعلمه ويوصيه بالرجولة ومراعاة الإنسانية في الحرب والقتال، فقال :
لا تخونوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا، ولا شيخا كبيرا، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا للأكل.
وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم فحصوا أوساط رءوسهم وتركوا حولها مثل العصائب، فاخفقوهم خفقا، ثم ودعهم قائلا: اندفعوا باسم الله.
فهل يوجد في العالم اليوم قادة شعب أو زعماء أمة يجرءون على الدعوى بأنهم متمدنون متحضرون يرعون مبادئ الإنسانية في الحرب الآن كما كان عليه العرب، بل المسلمون، من عظم الأخلاق والإنسانية في القديم؟ •••
حقا، لقد كانت الخلافة في بدايتها في حاجة إلى خليفة كأبي بكر في حزمه وعزمه، فبهما تمكن من التغلب على ما واجهه من المشكلات والمعضلات، واستطاع أن يحتفظ بوحدة الإسلام، فحارب أهل الردة جميعا حتى عادوا إلى حظيرة الدين، واشتدت شكيمة المسلمين، وتألفت من قبائلهم الجيوش الجرارة وعلى رأسها الأبطال المغاوير، والغزاة الميامين.
Página desconocida