Constructores del Islam: Mahoma y sus Sucesores
بناة الإسلام: محمد وخلفاؤه
Géneros
في الحديبية
وحانت مني التفاتة إلى الطريق، فإذا بي أرى بعض المطاعم والمقاهي العربية المتواضعة منتشرة هنا وهناك، فعلمت أننا قد وصلنا الشميسي، وهي محطة صغيرة من محطات أربع في الطريق بين جدة ومكة، وكان يطلق على الشميسي اسم الحديبية، وهي البلدة التي منع قريش النبي
صلى الله عليه وسلم
عندها من دخول «مكة» للحج، وقد كان في استطاعته - والله ناصره ومؤيده في جميع خطواته - أن يتغلب على قريش ويدخلها عنوة وعلى الرغم منهم، ولكنه أراد أن يسن
صلى الله عليه وسلم
سنة التفاهم والمفاوضات الودية في حل النزاع قبل أن يحكم السيف؛ ولذلك عاد - عليه الصلاة والسلام - من الحديبية، ولم تبطل عمرته؛ إذ حملت الريح شعره وشعر صحابته الأجلاء وألقته في الحرم، وقد وفد الرسول
صلى الله عليه وسلم
عثمان بن عفان رضي الله عنه للمفاوضة مع قريش، وانتهى النزاع حتى كان فتح «مكة» لانتقاض قريش على العهود والمواثيق.
ووصلنا إلى الأعلام، وهي الحد الفاصل بين الأرض الحرام والأرض الأخرى.
والأرض الحرام أرض مقدسة، يشعر فيها المرء بالأمن والسلام حال دخوله إليها، كما يشعر بالطمأنينة تفيض على جميع مشاعره، والراحة تغمر نفسه. وليس عند الأعلام حواجز تفصل ما بين الأرض الحرام والأرض الأخرى، ولكنك تشعر بشعور الطمأنينة والأمن والراحة لأول خطوة تخطوها في الأرض الحرام، فتعلم حينئذ أنك بلغتها وأنك فيها، وأنه إلهام من الله. وإنه لشعور روحي إلهي يملأ قلبك حين تدب على هذه الأرض الطاهرة.
Página desconocida