ما لم يجف. فإن تعذر الدلك سقط ويكفي تعميم الجسد بالماء كما في سائر الفرائض. إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، خلافًا لمن يقول: يجب استنابة من يدلكه من زوجة أو أمة، أو يتدلك بحائط إن كانت ملكًا له، أو أذن له مالكها في ذلك وكان الدلك بها لا يؤذيه. فإنه ضعيف، وإن مشى عليه الشيخ.
(وتخليل شعر وأصابع رجليه) الفريضة الخامسة: تخليل شعره ولو كثيفًا سواء كان شعر رأس أو غيره. ومعنى تخليله: أن يضمه ويعركه عند صب الماء حتى يصل إلى البشرة، فلا يجب إدخال أصابعه تحته ويعرك بها البشرة. وكذا يجب تخليل أصابع الرجلين هنا فأولى اليدين. وتقدم في الوضوء أنه يندب تخليل أصابع رجليه ويجب تخليل أصابع اليدين.
(لا نقض مضفوره، إلا إذا اشتد، أو بخيوط كثيرة) أي لا يجب على المغتسل نقض مضفور شعره ما لم يشتد الضفر حتى يمنع وصول الماء إلى البشرة، أو يضفر بخيوط كثيرة تمنع وصول الماء إلى البشرة أو إلى باطن الشعر.
(وإن شك غير مستنكح في محل غسله) إذا شك غير المستنكح في محل من بدنه هل أصابه الماء، وجب عليه غسله بصب الماء عليه ودلكه. وأما المستنكح - وهو الذي يعتريه الشك كثيرًا - فالواجب عليه الإعراض عنه، إذ تتبع الوسواس يفسد الدين من أصله، نعوذ بالله منه.
(ووجب تعاهد [١] المغابن من شقوق وأسرة وسرة ورفغ وإبط): يجب على المغتسل أن يتعهد مغابنه أي المحلات التي ينبو عنها الماء كالشقوق التي في البدن والأسرة أي التكاميش والسرة والرفغين، والإبطين وكل ما غار من البدن، بأن يصب عليه الماء ويدلكه إن أمكن، وإلا اكتفى بصب الماء.
(وسننه: غسل يديه أولًا، ومضمضة، واستنشاق، واستنثار، ومسح صماخ): أي سننه خمسة: غسل يديه أولًا إلى كوعيه، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار كما تقدم في الوضوء،
ــ
مع أن المردود عليه يقول بعدمه.
قوله: [ما لم يجف]: وإلا فلا يجزئ اتفاقًا.
قوله: [فإن تعذر الدلك] إلخ: أي إذا تعذر الدلك بما ذكر من اليد والخرقة سقط، ويكفي تعميم جسده بالماء. بل قال ابن حبيب: متى تعذر باليد سقط، ولا يجب بالخرقة ولا الاستنابة. ورجحه ابن رشد فيكون هو المعتمد انتهى من الأصل.
قوله: [خلافًا لمن يقول] إلخ: أي وهو سحنون وتبعه خليل، وذكر ابن القصار ما يفيد ضعفه.
قوله: [ولو كثيفًا]: أي هذا إن كان خفيفًا، بل إن كان كثيفًا على الأشهر. وقيل: يندب تخليل الكثيف فقط. وقيل: تخليله مباح وهذا الخلاف في اللحية فقط.
وأما غيرها فتخليله واجب اتفاقًا، خفيفًا أو كثيفًا. قاله في حاشية الأصل تبعًا ل (بن).
قوله: [وأصابع رجليه]: أي أنه لا يتم تعميم الجسد إلا بذلك، كالتكاميش التي تكون في الجسد؛ فلا بد من إيصال الماء إليها.
قوله: [حتى يصل إلى البشرة]: وهذا واجب وإن كانت عروسًا تزين شعرها، وفي (بن): وغيره أن العروس التي تزين شعرها ليس عليها غسل رأسها لما في ذلك من إتلاف المال ويكفيها المسح عليه. وفي (ح) عند قول خليل في الوضوء "ولا ينقض ضفره أي رجل أو امرأة": أنها تتيمم إذا كان الطيب في جسدها كله؛ لأن إزالته من إضاعة المال.
قوله: [ويجب تخليل إلخ]: وتقدم الفرق بينهما.
قوله: [لا نقض مضفوره إلخ]: تقدم تفصيله في الوضوء نظمًا ونثرًا
قوله: [مضفور شعره]: والرجل والمرأة في ذلك - وفي جواز الضفر - سواء، إن لم يكن على طريقة ضفر النساء في الزينة والتشبه بهن، فلا أظن أحدًا يقول بجوازه، قاله في الأصل، وقال أيضًا: وكذا لا يجب عليه نقض الخاتم ولا تحريكه ولو ضيقًا على المعتمد اهـ. والمراد به الخاتم المأذون في لبسه وإلا وجب نزعه إن كان ضيقًا كما تقدم في الوضوء.
قوله: [أو إلى باطن الشعر]: هذا التفصيل الذي قاله الشارح هو مشهور المذهب، وتقدم لنا - في مبحث الوضوء أنه ينفع النساء كثيرات الضفائر في الغسل - مذهب السادة الحنفية؛ لأن الشرط عندهم وصول الماء لأصول الشعر ولا يلزم تعميمه ولا إدخال الماء في باطنه بالنسبة للنساء. وأما الرجال فلا بد من تعميم ظاهره وباطنه لأن لهم مندوحة عن ذلك بحلقه هذا هو المأخوذ من الدر المختار.
قوله: [وإن شك] إلخ: أي فلا بد من تعميم الجسد تحقيقًا. ويكفي غلبة الظن على المعتمد لغير المستنكح.
قوله: [وجب عليه]: أي ولا يبرأ إلا بيقين أو غلبة ظن.
قوله: [أولًا]: أي قبل إدخالهما في الإناء بشرط أن يكون الماء قليلًا وأمكن الإفراغ، وأن يكون غير جار، فإن كان كثيرًا أو جاريًا أو لم يمكن الإفراغ منه، كالحوض الصغير أدخلهما فيه إن كانتا نظيفتين، أو غير نظيفتين ولم يتغير الماء بإدخالهما، وإلا تحيل على غسلهما خارجه إن أمكن، وإلا تركه وتيمم إن لم يجد غيره؛ لأنه كعادم الماء.
قوله: [كما تقدم في الوضوء]: ويأتي هنا الخلاف: هل التثليث من تمام السنة؟ أو الثانية والثالثة مستحب؟ وهو الراجح. ويأتي هنا توقف السنة على غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء، إن أمكن الإفراغ إلى آخر الشروط التي ذكرت.
وقيل: الأولية قبل إزالة الأذى، وإن كان المعتمد الأول. واعلم أن جعل المضمضة والاستنشاق والاستنثار ومسح صماخ الأذنين من سنن الغسل، إنما هو حيث لم يفعل قبله الوضوء المستحب، فإن فعله قبله كانت هذه الأشياء
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (تعهد).
1 / 64