فلذا لو شك بين ثلاثة أمور كمني ومذي وودي، لم يجب الغسل؛ لأن تعلق التردد: بين ثلاثة أشياء، يصير كل فرد عن [١] أفرادها وهمًا. ومن وجد منيًا محققًا أو مشكوكًا، ولم يدر الوقت الذي خرج فيه، فإنه يغتسل ويعيد صلاته من آخر نومة سواء كانت بليل أو نهار، ولا يعيد ما صلاه قبلها.
(وبمغيب الحشفة أو قدرها في فرج مطيق، وإن بهيمة أو ميتًا): الموجب الثاني للغسل: تغييب المكلف - جميع حشفته - أي رأس ذكره - أو تغييب قدرها من مقطوعها في فرج شخص مطيق للجماع قبلًا أو دبرًا من ذكر أو أنثى ولو غير بالغ، أو كان المطيق بهيمة أو ميتًا.
(وعلى ذي الفرج إن بلغ): أي ويجب الغسل على صاحب الفرج المغيب فيه إن كان بالغًا. وهذا القيد معلوم من قوله: المكلف. ذكره لزيادة الإيضاح فلا يجب الغسل على غير المكلف، ولا بتغييب الحشفة في غير فرج كالأليتين والفخذين، ولا في فرج غير مطيق.
(وندب لمأمور الصلاة؛ كصغيرة وطئها بالغ): أي ويندب الغسل لذكر مأمور بالصلاة
ــ
في ظن العادة قضتهما فقط، وهكذا. ومن هنا فرع الوجيزي: الذي في (عب): ثلاث جوار لبست كل الثوب عشرة في رمضان، فوجد فيه نقطة دم؛ فتصوم كل واحدة منهن يومًا مع التبييت، وتقضي الأولى صلاة الشهر، والثانية، عشرين، والثالثة، عشرة. وظاهر كلامهم إلغاء الاستظهار هنا. اهـ من شيخنا في مجموعه
قوله: [لم يجب الغسل]: أي ولكن يجب غسل الذكر كما استظهره بعضهم، وقال في الحاشية: لا يجب غسل الجسد ولا الذكر، وأما إذا شك أمذي أم بول أو أمذي أم ودي، وجب غسل الذكر اتفاقًا.
قوله: [فإنه يغتسل ويعيد] إلخ: محل وجوب الإعادة بعد الغسل في مسألة الشك أو التحقق إذا لم يلبسه غيره ممن يمني، وإلا لم يجب غسل بل يندب فقط، كما ذكره الأصل تبعًا لابن العربي. وهو مخالف لما قالوه من وجوب الغسل على كل من شخصين لبسا ثوبًا ونام فيه كل واحد منهما ولم يحتمل لبس غيرهما لذلك الثوب، ووجد فيه مني. ولقول البرزلي: لو نام شخصان تحت لحاف ثم وجدا منيًا عزاه كل واحد منهما لصاحبه، فإن كانا غير زوجين اغتسلا وصليا من أول ما ناما فيه لتطرق الشك إليهما معًا فلا يبرآن إلا بيقين، وإن كانا زوجين اغتسل الزوج فقط؛ لأن الغالب أن الزوجة لا يخرج منها ذلك. قال (بن): فهما قولان واستظهر بعضهم الثاني لا ما قاله ابن العربي. اهـ. من حاشية الأصل.
قوله: [المكلف]: أي ولو خنثى مشكلًا، إذا غيبها في فرج غيره أو في دبر نفسه، وإلا - بأن غيبها في فرج نفسه - فلا، ما لم ينزل. واشتراط البلوغ خاص بالآدمي، فإذا غيبت المرأة ذكر بهيمة في فرجها وجب الغسل، ولا يشترط في البهيمة البلوغ.
ويدخل في المكلف الجن؛ فلو غيب ذكره في إنسية، أو إنسي غيب ذكره في جنية، وجب الغسل على كل، قال في الحاشية: وهو التحقيق.
قوله: [جميع حشفته]: أي ما يلف عليها خرقة كثيفة. وليست الجلدة التي على الحشفة بمثابة الخرقة الكثيفة.
قوله: [قدرها من مقطوعها]: ومثل القطع ما لو قلناه وهل يعتبر قدر طولها لو انفرد واستظهر؟ أو مثنيًا؟ وانظر لو خلق ذكره كله بصفة الحشفة، هل يراعى قدرها من المعتاد؟ أو لا بد في إيجاب الغسل من تغييبه كله؟ والظاهر - كما في الحاشية - الأول.
قوله: [قبلًا أو دبرًا] إلخ: ظاهره: غيب الحشفة في القبل في محل الافتضاض أو في محل البول، وهو كذلك خلافًا لمن شرط محل الافتضاض. بقي لو دخل شخص بتمامه في الفرج؛ فلا نص عندنا. وقالت الشافعية: إن بدأ في الدخول بذكره اغتسل، وإلا فلا كأنهم رأوه كالتغييب في الهوي. ويفرض ذلك في الفيلة ودواب البحر الهائلة. وما ذكره من أن تغييب الحشفة في الدبر يوجب الغسل هو المشهور من المذهب، وفي (ح) قول شاذ لمالك: إن التغييب في الدبر لا يوجب غسلًا حيث لا إنزال، وللشافعية: أنه لا ينقض الوضوء وإن أوجب الغسل، فإذا كان متوضئًا وغيب الحشفة في الدبر ولم ينزل وغسل ما عدا أعضاء الوضوء أجزأه. انتهى من حاشية الأصل. ومحل كونه لا ينقض الوضوء عندهم حيث كان المغيب في دبره ذكرًا أو أنثى محرمًا.
قوله: [أو ميتًا]: أي ولا يعاد غسل الميت المغيب فيه لعدم التكليف.
قوله: [غير مطيق]: أي سواء كان آدميًا أو غيره.
قوله: [لمأمور الصلاة]: أي وإن لم يراهق. فلا مفهوم لقول خليل: مراهق. ففي المواق عن ابن بشير: إذا عدم البلوغ في الواطئ أو الموطوءة، فمقتضى المذهب لا غسل. ويؤمران به على جهة الندب انتهى. وقال أشهب وابن سحنون: يجب عليها وعليه. فلو صليا بدونه فقال أشهب: يعيدان. وقال ابن سحنون: يعيدان بقرب ذلك لا أبدًا. قال سند: وهو حسن، وعليه يحمل قول أشهب. والمراد بالقرب: كاليوم، كما في (ر). والمراد بوجوب الغسل عليهما: عدم صحة الصلاة بدونه لتوقفها عليه كالوضوء، لا ترتب الإثم على الترك. انتهى من حاشية الأصل. فعلى الندب الذي هو مشهور المذهب
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (من).
1 / 62