اعلم أن موجبات الغسل أربعة: خروج المني. ومغيب الحشفة. والحيض والنفاس.
والمراد بالمكلف: البالغ العاقل ذكرًا أو أنثى.
فخروج المني من الذكر أو الأنثى في حالة النوم يوجب الغسل مطلقًا بلذة معتادة أم لا، بل إذا انتبه من نومه فوجد المني ولم يشعر بخروجه، أو خرج بنفسه، وجب عليه الغسل على ما استظهره الشيخ الأجهوري، ونوزع فيه.
(أو يقظة إن كان بلذة معتادة، من نظر أو فكر فأعلى، ولو بعد ذهابها): أي أو بخروجه في يقظة بشرط أن يكون الخروج بلذة معتادة من أجل نظر أو فكر في جماع فأعلى كمباشرة. وإن حصل الخروج بعد ذهاب اللذة، فإنه يجب الغسل.
(وإلا أوجب الوضوء فقط): أي - وألا يكن بلذة معتادة - بأن خرج بنفسه لمرض أو طربة، أو كان بلذة غير معتادة - كمن حك لجرب أو هزته دابة فخرج منه المني - فعليه الوضوء فقط. لكن قال ابن مرزوق: الراجح في اللذة غير المعتادة وجوب الغسل كما اختاره اللخمي وظاهر ابن بشير. إلا أن ظاهر كلامهم تضعيفه.
(كمن جامع فاغتسل ثم أمنى): تشبيه في وجوب الوضوء فقط. أي أن من جامع بأن غيب الحشفة في الفرج فاغتسل لذلك، ثم خرج منه مني بعد غسله، فإنه يجب عليه الوضوء فقط؛ لأن غسله للجنابة قد حصل.
(ولو شك أمني أم مذي وجب. فإن لم يدر وقته أعاد من آخر نومة): هذه المسألة متعلقة بخروجه في النوم. أي أن من انتبه من نومه فوجد بللًا في ثوبه أو بدنه فشك هل هو مني أو مذي وجب عليه الغسل لأن الشك مؤثر في إيجاب الطهارة، بخلاف الوهم؛ فمن ظن أنه مذي وتوهم في المني فلا يجب عليه الغسل.
ــ
وقوله: [بنوم]: الباء بمعنى في.
قوله: [اعلم أن موجبات] إلخ: أي أسبابه التي توجبه. والغسل بالضم: الفعل. وبالفتح: اسم للماء على الأشهر. وبالكسر اسم لما يغتسل به من أشنان ونحوه. وعرفه بعضهم بقوله: إيصال الماء لجميع الجسد بنية استباحة الصلاة مع الدلك.
قوله: [فخروج المني] إلخ: أي بروزه من الفرج أو الذكر كما صرح به الأبي في شرح مسلم ونقله عنه الحطاب، ومثله في العارضة لابن العربي. فالرجل كالمرأة لا يجب الغسل عليهما إلا بالبروز خارجًا، فإذا وصل مني الرجل لأصل الذكر أو لوسطه فلا يجب الغسل. وظاهره؛ ولو كان لربط أو حصى. وما ذكره الأصل من وجوب الغسل على الرجل بانفصاله عن مقره؛ لأن الشهوة قد حصلت بانتقاله - فهو قول ضعيف كما في (بن).اهـ. من حاشية الأصل.
قوله: [على ما استظهره] إلخ: أي معترضًا به على (ح) والتتائي القائلين: إذا رأى في منامه أن عقربًا لدغته فأمنى أو حك لجرب فالتذ فأمنى فوجد المني لم يجب الغسل. وقبل الرماصي ما للأجهوري من أن الأحوط وجوب الغسل وقال (بن): ما تمسك به الأجهوري في رده على الحطاب و(تت) واهٍ جدًا. اهـ. من حاشية الأصل.
قوله: [ولو بعد ذهابها]: أي هذا إذا كان خروج المني مقارنًا للذة، بل إن خرج بعد ذهابها وسكون إنعاظه حال كون ذلك الخروج بلا جماع. ويلفق حالة النوم لحالة اليقظة، فإذا التذ في نومه ثم خرج منه المني في اليقظة بعد انتباهه من غير لذة اغتسل، وسواء اغتسل قبل خروج المني جهلًا منه، أو لم يغتسل. بخلاف ما إذا كانت اللذة ناشئة عن جماع بأن غيب الحشفة ولم ينزل، ثم أنزل بعد ذهاب لذته وسكون إنعاظه؛ فإنه يجب عليه الغسل، ما لم يكن اغتسل قبل الإنزال، وإلا فلا لوجود موجب الغسل وهو مغيب الحشفة، كما صرح به بعد. وكذا إذا خرج بعض المني بغير جماع ثم خرج البعض الباقي؛ فإن اغتسل للبعض الأول فلا يعيد الغسل وإنما يتوضأ للثاني.
قوله: [في جماع]: متعلق بتفكر.
وقوله: [كمباشرة]: مثال للأعلى.
قوله: [لكن قال ابن مرزوق] إلخ: ظاهر استدام أم لا. والحاصل أنهم مثلوا اللذة غير المعتادة: بالنزول في الماء الحار وحك الجرب وهز الدابة. قال في الأصل: أما نزوله بالماء الحار فلا يوجب الغسل ولو استدام فيما يظهر، وحك الجرب إن كان بذكره، وهز الدابة إن أحس بمبادئ اللذة فيهما واستدام وجب الغسل وإلا فلا. وأما إن كان بغير ذكره فإنه كالماء الحار. بقي شيء؛ وهو أنه في هز الدابة إذا أحس بمبادئ اللذة واستدام حتى أنزل، فهل يجب الغسل ولو كانت الاستدامة لعدم القدرة على النزول كمن أكره على الجماع؟ أو لا غسل حينئذ؟ تردد في ذلك الأجهوري.
قوله: [تضعيفه]: قال في حاشية الأصل نقلًا عن (بن): اعترض ابن مرزوق على المصنف بأن الراجح وجوب الغسل بخروجه بلذة غير معتادة، كما اختاره اللخمي وظاهر ابن بشير. قال شيخنا: عدم تعرض الشراح لنقل كلام ابن مرزوق وإعراضهم عنه يقتضي عدم تسليمه، وحينئذ فيكون الراجح ما قاله المصنف اهـ. وقد تبع مصنفنا ما قاله خليل.
قوله: [بأن غيب الحشفة] إلخ: مثل الرجل المذكور؛ المرأة إذا خرج من فرجها المني بعد غسلها من الجماع.
قوله: [فقط]: أي ولا يعيد الصلاة التي كان صلاها.
قوله: [ولو شك] إلخ: سكت المصنف والشارح عما إذا رأت المرأة حيضًا في ثوبها ولم تدر وقت حصوله، وحكمها أنها تغتسل وتعيد الصلاة من يوم لبسه اللبسة الأخيرة لاحتمال طهرها وقت أول صلاة، كالصوم؛ لانقطاع التتابع. إلا أن تبيت النية كل ليلة فتعيد عادتها إن أمكن استغراقه لها لكثرته، ولو كل يوم نقطة، وإلا فبحسبه. فإن لم يتصور زيادته على يومين
1 / 61