وظاهر المدونة أنه لا يبطله إلا خروج جميع القدم إلى الساق فلا يضر نزع أكثره ورجح
(فإن نزعهما أو أعلييه أو أحدهما، - وكان على طهر، بادر للأسفل كالموالاة): أي إذا نزع المتوضئ خفيه بعد المسح عليهما، أو نزع الأعليين بعد المسح عليهما، وكان قد لبسهما على طهارة فوق الأسفلين، أو نزع أحد الخفين الأعليين أو أحد المنفردين؛ فإنه يجب عليه أن يبادر إلى الأسفل في كل من المسائل الأربعة. فيبادر لغسل الرجلين في الأولى، ولمسح الأسفلين في الثانية، ولمسح الأسفل في الثالثة، ولنزع الآخر وغسل الرجلين في الرابعة. وإنما وجب نزع الثاني لأنه لا يجمع بين غسل ومسح. والمبادرة هنا كالمبادرة التي تقدمت في الموالاة، فإن طال الزمن عمدًا بطل وضؤوه واستأنفه وبنى بنية إن نسي مطلقًا. ويعتبر [١] الطول بجفاف أعضاء بزمن اعتدل.
(وندب نزعه كل جمعة أو أسبوع): يعني أنه: يندب نزعه في كل يوم جمعة وإن لم يحضرها كالمرأة. ولو لبسه يوم الخميس فإن لم ينزعه يوم الجمعة نزعه ندبًا في مثل اليوم الذي لبسه فيه وهو المراد بيوم الأسبوع. -
(ووضع يمناه على أطراف أصابع رجله ويسراه تحتها ويمرهما لكعبيه): هذه صفة المسح المندوبة، وهي: أن يضع باطن كف يده اليمنى على أطراف أصابع رجله اليمنى أو اليسرى، ويضع باطن كف اليسرى تحتها أي تحت أصابع رجله ويمرهما - أي اليدين - لمنتهى كعبي رجله. وقيل هذه الكيفية في الرجل اليمنى، وأما اليسرى فيعكس الحال بأن يجعل اليد اليمنى تحت الخف واليسرى فوقها لأنه أمكن.
(ومسح أعلاه مع أسفله): أي يندب الجمع بينهما على الصفة المتقدمة. فلا ينافي أن مسح الأعلى واجب تبطل بتركه الصلاة، بخلاف مسح الأسفل فلا يجب. فإن تركه أعاد صلاته في الوقت المختار. ولذا قال: (وبطلت بترك الأعلى لا الأسفل، فيعيد بوقت): فالضمير في بطلت عائد على الصلاة المعلومة من المقام. وترك البعض من الأعلى والأسفل كترك الكل.
ولما فرغ من الطهارة الصغرى ونواقضها وما يتعلق بذلك، شرع في بيان الكبرى وموجباتها فقال:
فصل [٢]:
(يجب على المكلف غسل جميع الجسد بخروج مني بنوم مطلقًا):
ــ
ظاهر. إذ بمجرد نزع أكثر الرجل تحتم الغسل وبطل المسح كما في الرماصي.
قوله: [وظاهر المدونة]: حاصله أن المدونة قالت: وبطل المسح بنزع كل القدم لساق الخف. قال الجلاب: والأكثر كالكل. قال الأجهوري: والأظهر أنه مقابل للمدونة. وقال (ح): إنه تفسير لها.
قوله: [فإن نزعهما] إلخ: أي إن لم يكن تحتهما غيرهما.
وقوله: [أو أعلييه]: أي إن كان تحتهما غيرهما.
وقوله: [أو أحدهما]: صادق بصورتين؛ بأن كانت المنزوعة مفردة أو تحتها غيرها. فلذلك كانت الصور أربعًا.
قوله: [وكان على طهر]: الجملة حالية؛ لأنه إن لم يكن على طهر بطل المسح مطلقًا. ويجب غسل الرجلين في جميع الصور مع الوضوء.
قوله: [وبنى بنية إن نسى]: ومثل النسيان العجز الحقيقي.
قوله: [يعني أنه يندب] إلخ: اعلم أنه يطالب بنزعه كل من يخاطب بالجمعة ولو ندبًا كما قال الجزولي. ثم ظاهر تعليلهم قصر الندب على من أراد الغسل بالفعل. ويحتمل ندب نزعه مطلقًا، وهو المتبادر من الشارح إذ لا أقل من أن يكون وضوؤه للجمعة عاريًا عن الرخصة كما قاله زروق. فإن قلت: لم لم يسن نزعه كل جمعة لمن يسن له غسلها؛ لأن الوسيلة تعطى حكم المقصد؟ والجواب: الأتم حمل الندب على مطلق الطلب فيشمل السنية لمن يريد غسل الجمعة وكان في حقه سنة.
قوله: [في مثل اليوم] إلخ: أي مراعاة للإمام أحمد.
تنبيه: لا يشترط نقل الماء لمسح الخف لأنه ربما أفسده.
فائدة: إن نزع الماسح رجلًا من الخف وعسرت عليه الأخرى وضاق الوقت، فقيل: يتيمم ويترك المسح والغسل إعطاء لسائر الأعضاء حكم ما تحت الخف: وتعذر بعض الأعضاء كتعذر الجميع، ولا يمزقه مطلقًا كثرت قيمته أو قلت، وهو الراجح من أقوال ثلاثة ذكرها خليل.
قوله: [ووضع يمناه] إلخ: فلو خالف تلك الكيفية ومسح كيفما اتفق كفاه.
قوله: [وقيل هذه الكيفية] إلخ: وهو الأرجح.
قوله: [أي يندب الجمع] إلخ: جواب عن سؤال: كيف يندب مسح الأعلى مع أنه واجب؟ فأجاب بما ذكر.
قوله: [في الوقت المختار]: أي مراعاة لمن يقول بالوجوب. فإن (ح) صدر بالقول بأن مسح كل من الأعلى والأسفل واجب، واستدل له بقول المدونة: لا يجوز مسح أعلاه دون أسفله، ولا أسفله دون أعلاه، إلا أنه لو مسح أعلاه وصلى فأحب إلي أن يعيد في الوقت؛ لأن عروة بن الزبير كان لا يمسح بطونهما. انتهى من حاشية الأصل.
قوله: [ترك البعض] إلخ: أي فيعيد لترك بعض الأعلى أبدًا ولبعض الأسفل في الوقت.
قوله: [في بيان الكبرى]: أي من جهة فرائضها وسننها ومندوباتها وما يتعلق بذلك.
فصل:
يجب على المكلف إلخ
قوله: [جميع الجسد]: أي ظاهره وليس منه الفم والأنف وصماخ الأذنين والعينين، بل التكاميش بدبر أو غيره فيسترخي قليلًا، والسرة وكل ما غار من جسده.
قوله: [بخروج مني]: الباء للسببية.
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (ويعد).
[٢] زاد بعدها في ط المعارف: (في الغسل).
1 / 60