ولو خرج مع كل أذى، أي بول أو غائط؛ لأن خروج الأذى تابع لخروجهما فلا يعتبر. ومثلهما الدم والقيح. كما تقدم، لكن بشرط خروجهما خالصين من الأذى، كما نصوا عليه. والفرق أن الشأن في الحصى والدود عدم خلوصهما. واعترض بأن المشهور عن ابن رشد أنه لا نقض بهما مطلقًا كالحصى والدود.
(ولا من ثقبة إلا تحت المعدة وانسدا) هذا محترز قوله: من المخرج المعتاد.
فإذا خرج بول أو غائط أو ريح من ثقبة فوق المعدة لم ينقض، انسد المخرجان أو أحدهما أو لا. المراد بالمعدة: الكرش الذي يستقر فيه الطعام عند الأكل، ومستقرها فوق السرة. بخلاف الخارج من ثقبة تحتها فإنه ينقض بشرط انسداد المخرجين، لأن الطعام أو الشراب لما انحدر من المعدة إلى الأمعاء - أي المصارين - صار الخارج من الثقبة التي تحت المعدة عند انسداد المخرجين بمنزلة الخارج من نفس المخرجين. وأما عند انفتاحهما ونزول الخارج منهما على العادة لم يكن الخارج من الثقبة معتادًا فلم ينقض.
(ولا سلس لازم نصف الزمن فأكثر، وإلا نقض): هذا محترز في الصحة لأن معناه: خارج معتاد على وجه الصحة، فخرج السلس لأنه لم يكن على وجه الصحة فلا ينقض إن لازم نصف زمن أوقات الصلاة أو أكثر، فأولى في عدم النقض بملازمته كل الزمن. لكن يندب الوضوء إذا لم يعم الزمن وسواء كان السلس وهو ما - يسيل بنفسه لانحراف الطبيعة بولًا أو ريحًا أو غائطًا أو مذيًا. وهذا إذا لم ينضبط ولم يقدر على التداوي، فإن انضبط بأن جرت عادته أنه ينقطع آخر الوقت وجب عليه تأخير الصلاة لآخره، أو ينقطع أوله وجب عليه تقديمها، هكذا قيده بعض الفضلاء. وكذا إذا قدر على التداوي وجب عليه التداوي، واغتفر له أيامه. إلا أن هذا خصه بعضهم بالمذي إذا كان لعزوبة بلا تذكر. وأما لتذكر أو نظر - بأن كان كلما تذكر أو نظر أمذى - واستدام عليه التذكر،
ــ
فالنقض ولو كانا خالصين من الأذى؛ لأنه من قبيل الخارج المعتاد.
قوله: [ولو خرج مع كل أذى]: أي ولو كثر الأذى ما لم يتفاحش في الكثرة، وإلا نقض كما قرره العلامة العدوي.
تنبيه: يعفى عما خرج من الأذى مع الحصى والدود إن كان مستنكحًا بأن كان يأتي كل يوم مرة فأكثر، وإلا فلا بد من إزالته بماء أو حجر إن كثر، وإلا فلا يلزمه الاستنجاء منه. ولذلك قال شيخنا في مجموعه:
قل للفقيه ولا تخجلك هيبته ... شيء من المخرج المعتاد قد عرضا
فأوجب القطع واستنجى المصلي له ... لكن به الطهر يا مولاي ما انتقضا
قوله: [ولا من ثقبة] إلخ: حاصل الفقه أن الصور تسع؛ لأن الثقبة إما تحت المعدة أو في نفس المعدة، وهي ما فوق السرة إلى منخسف الصدر، فالسرة مما تحت المعدة كما في الحاشية أو فوقها بأن كانت في الصدر. وفي كل إما أن ينسد المخرجان أو ينفتحا، أو ينسد أحدهما وينفتح الآخر. فالنقض في صورة واحدة: وهي ما إذا كانت تحت المعدة وانسدا ولا نقض والباقي. ولكن قال شيخنا في مجموعه: ومقتضى النظر في انسداد أحدهما نقض خارجه منها، وكل هذا ما لم يدم الانسداد وتعتاد الثقبة فتنقض ولو فوق المعدة بالأولى من نقضهم بالفم إذا اعتيد، والفرق بأنه معتاد لبعض الحيوانات كالتمساح واهٍ. اهـ.
قوله: [إلا تحت المعدة] إلخ: المستثنى صورة واحدة من التسع.
قوله: [ومستقرها فوق السرة]: أي والسرة مما تحت المعدة كما تقدم عن الحاشية.
قوله: [وأما عند انفتاحهما] إلخ: وقد علمت ما إذا انسد أحدهما وكان الخارج منها هو الذي يخرج منه أنه يحكم عليه بالنقض أيضًا كما تقدم عن شيخنا في مجموعه وقرره المؤلف أيضًا.
قوله: [ولا سلس]: معطوف على قوله: [لا حصى]. وحاصله أن الخارج من أحد المخرجين إذا لم يكن على وجه الصحة صوره أربع: تارة يلازم كل الزمان، وهذه لا نقض فيها ولا يندب فيها وضوء. وتارة يلازم جل الزمان أو نصف الزمان وهاتان لا نقض فيهما ويستحب فيهما الوضوء لكل صلاة. وتارة يلازم أقل الزمان وهذه يجب فيه الوضوء. والثلاثة الأول داخلة تحت قول المصنف: [ولا سلس لازم نصف الزمان فأكثر]. والرابعة هي قوله: [وإلا نقض].
قوله: [أوقات الصلاة]: وهي من الزوال إلى طلوع الشمس من اليوم الثاني وما اقتصر عليه الشارح إحدى طريقتين في خليل خليل وهي طريقة ابن جماعة ومختار ابن هارون وابن فرحون والشيخ عبد الله المنوفي. والطريقة الثانية تقول: المراد جميع أوقات الصلاة وغيرها، وهو قول البرزلي ومختار ابن عبد السلام،
وتظهر فائدة الخلاف فيما إذا فرضنا أن أوقات الصلاة مائتان وستون درجة وغير أوقاتها مائة درجة، فأتاه السلس فيها وفي مائة من أوقات الصلاة. فعلى الأولى ينتقض وضوءه لمفارقته أكثر الزمان لا على الثانية لملازمته أكثر الزمان. فإن لازمه وقت صلاة فقط نقض وصلاها قضاء أفتى به الناصر فيمن يطول به الاستبراء حتى يخرج الوقت.
قوله: [بعض الفضلاء]: هو سيدي عبد الله المنوفي.
1 / 53