فصل [١]
(ناقض الوضوء: إما حدث؛ وهو الخارج المعتاد من المخرج المعتاد في الصحة، من ريح وغائط وبول ومذي وودي ومني بغير لذة معتادة وهاد): لما فرغ من الكلام على الوضوء، شرع في بيان نواقضه.
والناقض ثلاثة أنواع: حدث، وسبب، وغيرهما.
وعرف الحدث بقوله: وهو الخارج المعتاد إلخ. وقوله: في الصحة متعلق بالمعتاد وبين الخارج المذكور بقوله: من ريح إلخ. وحاصله أن الخارج المعتاد سبعة؛ ستة في الذكر والأنثى، وواحد - وهو الهادي - يختص بالأنثى، وكلها من القبل إلا الريح والغائط فمن الدبر. فقوله: الخارج خرج عنه الداخل من أصبع أو عود أو حقنة فلا ينقض. وخرج بقوله: المعتاد الخارج الغير المعتاد كالدم والقيح والحصى والدود، وخرج بقوله: من المخرج المعتاد ما خرج من الفم أو من ثقبة، على ما سيأتي، أو خروج ريح أو غائط من القبل، أو بول من الدبر؛ فلا ينقض. واحترز بقوله: في الصحة من الخارج المعتاد على وجه المرض - وهو السلس - على ما سيأتي. وقوله: ومني بغير لذة معتادة أي بأن كان بغير لذة أصلًا أو لذة غير معتادة كمن حك لجرب أو هزته دابة فأمنى. وأما ما خرج بلذة معتادة من جماع أو لمس أو فكر فموجب للغسل. والهادي: هو الماء الذي يخرج من فرج المرأة عند ولادتها.
وبقي من النواقض أمران: دم الاستحاضة، وسيأتي إدخاله في السلس، - وخروج مني الرجل من فرج المرأة بعد أن اغتسلت.
(لا حصى ودود ولو مع أذى): بالرفع عطف على "وهو الخارج" وهو محترز "المعتاد" فليس كل منهما بحدث فلا ينقض،
ــ
غير نائم ولا غافل، وبلوغ الدعوة. وأما التيمم فيقال شروط صحته ثلاثة: الإسلام: وعدم الحائل على الوجه واليدين، وعدم المنافي الذي: يوجب الغسل أو الوضوء. ومن المنافي أيضًا: وجود الماء المباح للقادر على استعماله. وشروط وجوبه فقط ثلاثة: البلوغ، والقدرة على الاستعمال، وثبوت الناقض. وشروط وجوبه وصحته معًا ستة: العقل، وانقطاع دم الحيض والنفاس، ووجود الصعيد الطاهر، ودخول الوقت، وكون المكلف غير نائم ولا غافل، وبلوغ الدعوة.
فصل:
قوله: [ناقض الوضوء]: أي مبطل حكمه مما كان يباح به من صلاة أو غيرها، ولذلك قال شيخنا في حاشية مجموعه أي ينتهي حكمه، لا أنه بطل من أصله، وإلا لوجب قضاء العبادة التي أديت به انتهى. ويسمى موجب الوضوء أيضًا قال في التوضيح: وتعبير ابن الحاجب "بالنواقض" أولى من تعبير غيره: "بما يوجب الوضوء"؛ لأن الناقض لا يكون إلا متأخرًا عن الوضوء بخلاف الموجب، فإنه قد يسبق كالبلوغ مثلًا، وكلامنا فيما كان متأخرًا لا ما كان متقدمًا، والمؤلف لما أراد ذكر النواقض متأخرة عن الوضوء ناسب أن يعبر عنها بالنواقض وإلا فالتعبير بالموجب أولى؛ لأنه يصدق على السابق، وعلى المتأخر، وأيضًا فالتعبير بالنقض يوهم بطلان العبادة بالوضوء السابق وإن أجيب عنه.
قوله: [إما حدث]: هو ما ينقض الوضوء بنفسه.
قوله: [وسبب]: هو ما لا ينقض الوضوء بنفسه بل بما يؤدي إلى الحدث.
قوله: [وغيرهما]: أي كالشك في الحدث، والردة. على أنه يقال: إن الشك في الحدث داخل في الأحداث، والشك في السبب داخل في الأسباب، بأن يقال إن الحدث ناقض من حيث تحققه، أو الشك فيه. انتهى من الحاشية.
قوله: [متعلق بالمعتاد]: أي الذي اعتيد في الصحة خروجه، أي متعلقًا بالخارج؛ وإلا لاقتضى عدم النقض بالمعتاد إذا خرج في المرض، وليس كذلك.
كذا قيل: وقد يقال المراد بالصحة ما شأنه أن يخرج فيها، فاندفع الاعتراض.
والمراد [بالمعتاد] ما اعتيد جنسه. فإذا خرج البول غير متغير فإنه ينقض الوضوء؛ لأن جنسه معتاد وإن لم يكن هو معتادًا.
قوله: [أو حقنة]: هي الدواء الذي يصب في الدبر بآلة، ومن جملة الدواخل ذكر البالغ في قبل أو دبر فإنه يوجب ما هو أعم من الوضوء وهو غسل جميع الجسد، والتعريف إنما هو للحدث الموجب للطهارة الصغرى، فقط. ومن جملة ما ليس داخلًا ولا خارجًا: القرقرة والحقن الشديدان؛ فلا ينقضان الوضوء إذا تمت معهما الأركان. وأما لو منعا من الإتيان بشيء منها حقيقة أو حكمًا؛ كما لو كان يقدر على الإتيان بعسر فقد أبطلا الوضوء. فمن حصره بول أو ريح وكان يعلم أنه لا يقدر على شيء من أركان الصلاة أصلًا أو يأتي به مع عسر كان وضوءه باطلًا ليس له أن يفعل به ما يتوقف على طهارة؛ لأن الحدث إن لم يخرج حقيقة فهو خارج حكمًا. انتهى من حاشية الأصل تبعًا لتقرير العلامة العدوي.
قوله: [بغير لذة أصلًا]: أي ولم يكن على وجه السلس، وإلا فحكمه.
قوله: [أو هزته دابة]: أي ما لم يحس بمبادئ اللذة فيستديم حتى ينزل، فإنه يجب عليه الغسل كما سيأتي.
قوله: [والهادي]: أي فهو من موجبات الوضوء على خلاف ما مشى عليه ابن رشد لقول خليل ووجب وضوء بهاد والأظهر نفيه.
قوله: [دم الاستحاضة]: أي في بعض أحواله لجريانه على صور السلس.
قوله: [وخروج مني الرجل] إلخ: حيث دخل بجماع لا بغيره فلا يوجب الوضوء، لقول الخرشي وأما لو دخل فرجها بلا وطء ثم خرج فلا يكون ناقضًا كما يفيده كلام ابن عرفة.
قوله: [لا حصى ودود]: أي المتخلقان في البطن. وأما لو ابتلع حصاة أو دودة فنزلت بصفتها
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (في نواقض الوضوء).
1 / 52