إذا كان بخلوة أو مع زوجته أو أمته وإلا حرم كما هو ظاهر.
ويكره مسح الرقبة في الوضوء؛ لأنه من الغلو في الدين، فهو بدعة مكروهة خلافًا لمن قال بندبه.
وكذا تكره كثرة الزيادة على محل الفرض لما ذكرنا. وقال الشافعي بندبها وفسر إطالة الغرة في الحديث بذلك، وفسرها الإمام مالك بإدامة الوضوء.
وكره للمتوضئ ترك سنة من سنن الوضوء عمدًا ولا تبطل الصلاة بتركها، فإن تركها عمدًا أو سهوًا سن له فعلها لما يستقبل من الصلاة إن أراد أن يصلي بذلك الوضوء.
(وندب لزيارة صالح وسلطان، وقراءة قرآن، وحديث، وعلم، وذكر، ونوم ودخول سوق، وإدامته وتجديده إن صلى به أو طاف): يعني أنه يندب لمن أراد زيارة صالح، كعالم وزاهد وعابد - حي أو ميت - أن يتوضأ، وأولى لزيارة نبي لأن حضرتهم حضرة الله تعالى، والوضوء نور فيقوي به نوره الباطني في حضرتهم. وكذا يندب الوضوء لزيارة سلطان أو الدخول عليه لأمر من الأمور لأن حضرة السلطان حضرة قهر أو رضا من الله، والوضوء سلاح المؤمن وحصن من سطوته. وكذا يندب الوضوء لقراءة القرآن وقراءة الحديث وقراءة العلم الشرعي ولذكر الله تعالى مطلقًا.
وعند النوم وعند دخول السوق، لأنه محل لهو واشتغال بأمور الدنيا ومحل الأيمان الكاذبة، فللشيطان فيه قوة تسلط على الإنسان، والوضوء سلاح المؤمن ودرعه الحصين من كيده وكيد الإنس والجن.
ويندب أيضًا إدامة الوضوء؛ لأنه نور كما ورد.
ويندب أيضًا لمن كان على وضوء صلى به فرضًا ونفلًا، أو طاف به وأراد صلاة أو طوافًا أن يجدد وضوءه لذلك، لا إن مس به مصحفًا فلا يندب له تجديده.
(وشرط صحته: إسلام، وعدم حائل ومناف) هذا شروع في شروط الوضوء. وهي من زيادتنا على الشيخ كالذي قبله ما عدا الأخير. وشروطه ثلاثة أنواع: شروط صحة فقط، وشروط وجوب فقط، وشروط وجوب وصحة معًا.
ومراده بالشرط: ما يتوقف عليه الشيء من صحة أو وجوب أو هما،
ــ
قوله: [إذا كان بخلوة]: أي ولو في ظلام.
قوله: [خلافًا لمن قال بندبه]: أي وهو أبو حنيفة؛ لعدم ورود ذلك في وضوئه ﵊، وإن ورد فيه أنه أمان من الغل.
قوله: [كثرة الزيادة] إلخ: أي وأما أصل الزيادة فلا بد منها لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
قوله: [لما ذكرنا]: أي وهو الغلو.
قوله: [في الحديث]: أي الوارد في الصحيحين أنه ﵊ قال: «من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل».
قوله: [ترك سنة]: أي: أي سنة كانت من السنن الثمانية، فهي أولى في الكراهة من ترك الفضيلة.
قوله: [فإن تركها] إلخ: أي تحقيقًا أو ظنًا أو شكًا لغير مستنكح غير الترتيب، ولم ينب عنها غيرها، ولم يوقع فعلها في مكروه -وهي: المضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين- فإنه يفعلها - كما قال الشارح - إن أراد الصلاة بهذا الوضوء دون ما بعده ولو قريبًا، ولا يعيد ما صلى في وقت ولا غيره اتفاقًا في السهو، وعلى المعروف في العمد، لضعف أمر الوضوء لكونه وسيلة عن أمر الصلاة لكونها مقصدًا. وأما الترتيب فقد تقدم حكمه. وأما ما ناب عنه غيره، كغسل اليدين إلى الكوعين، أو أوقع فعله في مكروه، كرد مسح الرأس وتجديد الماء للأذنين والاستنثار - إذ لا بد من سبق استنشاق - فلا يفعل شيء منها على ما لابن بشير خلافًا لطريقة ابن الحاجب القائل بالإتيان بالسنة مطلقًا. وظاهر الشارح موافقة ابن الحاجب، لكن الذي ارتضاه الأشياخ كلام ابن بشير ومشى عليه في الأصل.
قوله: [وندب] إلخ: شروع في الوضوء المندوب وضابطه: كل وضوء ليس شرطًا في صحة ما يفعل به، بل من كمالات ما يفعل به، ولذلك لا يرتفع به الحدث إلا إذا نوى رفعه أو نوى فعل عبادة تتوقف على رفع الحدث كمس المصحف مثلًا.
قوله: [فيقوى به نوره] إلخ: أي فتتصل روحه بأرواحهم ويستمد منهم.
قوله: [لزيارة سلطان]: مراده كل ذي بطش.
قوله: [حضرة قهر] إلخ: أي فهو مظهر من مظاهر الحق، رحمة ونقمة يرحم الله به وينتقم الله به، والوضوء حصن من النقمة فاتح للرحمة.
قوله: [وكذا يندب] إلخ: أي لأن حضرة ما ذكر حضرة الله، فيتعرض فيها العبد للنفحات الربانية، فيتهيأ لتلك النفحات بالوضوء وإخلاص الباطن.
قوله: [وعند النوم]: أي لما ورد: «من نام على طهارة سجدت روحه تحت العرش، وإن الشيطان لا يتلاعب به».
قوله: [فللشيطان فيه قوة تسلط]: أي لما ورد: «إن أول من يدخل الأسواق الشياطين: براياتها وإنها شر البقاع».
قوله: [كما ورد]: من ذلك ما فسر به مالك إطالة الغرة في حديث أبي هريرة من قوله ﷺ: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل». قوله: [لا إن مس به مصحفًا]: إن قلت ما الفرق بينه وبين ما قبله مع أن كلًا فعل به عبادة تتوقف على طهور. والجواب أن غير مس المصحف أقوى من تعلقه بالطهارة؛ لتوقف صحته عليها، فلذلك طلب التجديد بعد تأديتها دون مس المصحف
قوله: [ما عدا الأخير]: أي الذي هو تجديد الوضوء قوله: [وشروطه] إلخ: جمع شرط: ومعناه لغة العلامة واصطلاحًا: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته. قوله: [شروط صحة] إلخ: شرط الصحة ما تبرأ به الذمة ويجب على المكلف تحصيله.
قوله: [شروط وجوب]: شرط الوجوب ما تعمر به الذمة، ولا يجب على المكلف تحصيله.
قوله: [ومراده بالشرط] إلخ: جواب عن سؤال ورد عليه،
1 / 50