وفي زيادة الرحمن الرحيم خلاف.
رابعها: تقليل الماء الذي يرفعه للأعضاء حال الوضوء، ولا تحديد في التقليل لاختلاف الأعضاء والناس، بل بقدر ما يجري على العضو وإن لم يتقاطر منه، كالغسل يندب فيه الموضع الطاهر وما بعده.
خامسها: تقديم اليد أو الرجل اليمنى في الغسل على اليسرى.
سادسها: جعل الإناء المفتوح - كالقصعة والطست - لجهة اليد اليمنى، لأنه أعون في التناول. بخلاف الإبريق ونحوه فيجعله في جهة اليسرى فيفرغ بها منه على اليد اليمنى، ثم يرفعه بيديه جميعًا إلى العضو.
سابعها: البدء في الغسل أو المسح بمقدم العضو، بأن يبدأ في الوجه من منابت شعر الرأس المعتاد نازلًا إلى ذقنه أو لحيته، ويبدأ في اليدين من أطراف الأصابع إلى المرفقين، وفي الرأس من منابت شعر الرأس المعتاد إلى نقرة القفا، وفي الرجل من الأصابع إلى الكعبين. فقولنا بمقدم الأعضاء أولى من قوله: بمقدم الرأس.
ثامنها: الغسلة الثانية في السنن والفرائض. فأراد بالغسلة ما يشمل المضمضة والاستنشاق، وخرج بقوله: الغسلة ما يمسح من رأس وأذن وخفين، فتكره الثانية وغيرها.
تاسعها: الغسلة الثالثة فيما ذكر، فكل منهما مندوب على حدته. وعبارتنا أفضل من قوله: " وشفع غسله وتثليثه ". والرجلان كغيرهما، وقيل المطلوب فيهما الإنقاء، وهو ضعيف. ومحل الخلاف في غير النقيتين من الأوساخ، وأما هما فكغيرهما قطعًا.
عاشرها: الاستياك بعود لين قبل المضمضة من نخل أو غيره. والأفضل أن يكون من أراك، ويكفي الأصبع عند عدمه، وقيل: يكفي ولو وجد العود.
ويستاك ندبًا بيده اليمنى مبتدئًا بالجانب الأيمن عرضًا في الأسنان وطولًا في اللسان. ولا يستاك بعود الريحان المسمى في مصر بالمرسين ولا بعود الرمان لتحريكهما عند الأطباء عرق الجذام ولا بعود الحلفاء، ولا قصب الشعير لأنهما يورثان الأكلة أو البرص. ولا ينبغي أن يزيد في طوله على شبر.
ــ
قوله: [خلاف]: أي قولان رجح كل منهما؛ فابن ناجي رجح القول بعدم زيادتهما، والفاكهاني وابن المنير رجحا القول بزيادتهما.
قوله: [ما يجري] إلخ: أي وإلا -بأن لم يجر- كان مسحًا.
قوله: [اليمنى]: أي ولو أعسر بخلاف الإناء، وأما جانبا الوجه والفودان فلا ترتيب بينهما.
قوله: [لجهة اليد اليمنى]: أي حيث لم يكن أعسر وإلا انعكس الحال.
قوله: [أولى]: أي لشموله وعمومه.
قوله: [الغسلة الثالثة]: جعل كل من الغسلة الثانية والثالثة مستحبًا، هو المشهور كما قال ابن عبد السلام، وقيل: كل منهما سنة، وقيل: الغسلة الثانية سنة والثالثة فضيلة، ونقل الزرقاني عن أشهب فرضية الثانية، وقيل إنهما مستحب واحد، وذكره في التوضيح.
قوله: [أفضل]: أي لكونها أصرح في المراد لا تحتمل غيره. ومحل كون الثانية والثالثة مستحبًا إذا عمت الأولى، وأحكمت من فرض أو سنة.
قوله: [الإنقاء]: أي ولو زاد على الثلاث، ولا يطلب بشفع ولا تثليث بعد الإنقاء على هذا القول، والمراد بالوسخ الذي يطلب إزالته في الوضوء: الوسخ الحائل، وأما الوسخ الغير الحائل فلا يتوقف الوضوء على إزالته. كذا في (بن) نقلًا عن المسناوي.
تنبيه: ترك الشارح الكلام على فضيلتين ذكرهما المصنف، وهما: ترتيب السنن في أنفسها أو مع الفرائض. فجملة ما ذكره المصنف فقط ثنتا عشرة فضيلة فكان المناسب أن يقول بعد الكلام على غسل الرجلين: عاشرها، ترتيب السنن في أنفسها، حادية عشرها، ترتيبها مع الفوائض، ثانية عشرها، الاستياك.
قوله: الاستياك: هو استعمال السواك من عود أو غيره، فالسواك يطلق مرادًا به الفعل، ويطلق ويراد به الآلة، فلما كان لفظ السواك مشتركًا عبر بالفعل لدفع إيهام الآلة، وهو مأخوذ من ساك يسوك بمعنى دلك أو تمايل، من قولهم جاءت الإبل تساوك: أي تتمايل في المشي من ضعفها. وسبب مشروعيته أن العبد إذا قام للصلاة قام معه ملك، ووضع فاه على فيه، فلا تخرج من فيه آية قرآن إلا في جوف الملك.
قوله: [بعود لين]: أي لغير الصائم، وأما هو فيكره به.
قوله: [الأفضل أن يكون] إلخ: وعند الشافعية الأفضل الأراك، ثم جريد النخل، ثم عود الزيتون، ثم ما له رائحة ذكية، ثم غيره من العيدان مما لم ينه عنه، قال في الحاشية: والظاهر أن مذهبنا موافق لهم، وقال أيضًا: وهو من خصائص هذه الأمة لأنه كان للأنبياء السابقين لا لأممهم انتهى. قال بعض العلماء: أول من استاك سيدنا إبراهيم الخليل ﵊.
قوله: [ويكفي الأصبع] إلخ: أي خلافًا للشافعية، فإنه لا يكفي الأصبع عندهم مطلقًا، وإن لم يوجد غيره.
قوله: [بيده اليمنى]: أي بأن يجعل الإبهام والخنصر تحته والثلاثة فوقه.
قوله: [عرضًا في الأسنان] إلخ: أي باطنًا وظاهرًا وطولًا في اللسان ظاهرًا. ويستحب أيضًا كونه متوسطًا بين الليونة واليبوسة. ويكره للصائم الأخضر لئلا يتحلل منه شيء.
تنبيه: ما ذكره المصنف من استحباب السواك هو المشهور، وقال ابن عرفة إنه سنة لحثه ﵊ عليه بقوله: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» «ولمواظبته ﷺ عليه حتى صح أنه فعله وهو في سكرات الموت»، وقال ﵊: «ثلاث كتبهن الله علي وهن لكم سنة، فذكر منها السواك» وأجاب الجمهور بأن المراد بالسنة الطريقة المندوبة.
1 / 48