ثم لا بد لهذه السنن الثلاثة من نية بأن ينوي بها سنن الوضوء، أو ينوي عند غسل يديه أداء الوضوء احترازًا عما لو فعل ما ذكر لأجل حر أو برد أو إزالة غبار، ثم أراد الوضوء، فلا بد من إعادتها لحصول السنة بالنية.
الرابعة: الاستنثار: وهو دفع الماء بنفسه مع وضع أصبعيه - السبابة والإبهام من يده اليسرى - على أنفه كما يفعل في امتخاطه.
الخامسة: مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.
السادسة: تجديد الماء لهما.
السابعة: رد مسح الرأس بشرط أن يبقى بلل من أثر مسح رأسه، وإلا سقطت سنة الرد.
(وترتيب فرائضه؛ فإن نكس أعاد المنكس وحده إن بعد بجفاف، وإلا فمع تابعه): السنة الثامنة: ترتيب الفرائض الأربعة، بأن يقدم الوجه على اليدين، وهما على الرأس ثم الرجلين. وأما تقديم اليد أو الرجل اليمنى على اليسرى فمندوب، كما يأتي. فإن نكس، بأن قدم فرضًا على موضعه المشروع له، كأن غسل اليدين قبل الوجه أو مسح رأسه قبل اليدين أو قبل الوجه، أعاد المنكس استنانًا وحده مرة ولا يعيد ما بعده، إن طال ما بين انتهاء وضوئه وتذكره طولًا مقدرًا بجفاف العضو الأخير في زمان ومكان اعتدلا. فإن لم يبعد [١] فعله مرة فقط مع تابعه شرعًا فلو بدأ بذراعيه ثم بوجهه فرأسه فرجليه، فإن تذكر بالقرب أعاد الذراعين مرة ومسح الرأس وغسل رجليه مرة، سواء نكس سهوًا أو عمدًا. وإن تذكر بعد طول أعاد الذراعين فقط مرة إن نكس سهوًا، واستأنف وضوءه ندبًا إن نكس عمدًا ولو جاهلًا. ولو بدأ برأسه ثم غسل يديه فوجهه أعاد اليدين والرأس مطلقًا ثم يغسل رجليه إن قرب، وإلا فلا. ولو بدأ برجليه فرأسه فيديه فوجهه أعاد ما بعد الوجه على الترتيب الشرعي مطلقًا قرب أو بعد، لأن كل فرض من الثلاثة منكس. ولا يعيد الوجه إلا إذا نكس عمدًا وطال كما تقدم. ولو قدم الرجلين على الرأس أعاد الرجلين مطلقًا إلا إذا تعمد وطال، فيبتدئ وضوءه ندبًا لقوله: وإلا فمع تابعه: أي إن كان له تابع.
(وفضائله: موضع طاهر، واستقبال، وتسمية، وتقليل الماء بلا حد كالغسل، وتقديم اليمنى وجعل الإناء المفتوح لجهتها، وبدء بمقدم الأعضاء، والغسلة الثانية والثالثة حتى في الرجل، وترتيب السنن في أنفسها أو مع الفرائض، واستياك وإن [٢] بأصبع): هذا شروع في فضائل الوضوء أي مستحباته بعد أن فرغ من الكلام على سننه.
أولها: إيقاعه في محل طاهر بالفعل وشأنه الطهارة - فخرج الكنيف قبل استعماله فيكره الوضوء فيه.
ثانيها: استقبال القبلة.
ثالثها: التسمية بأن يقول عند غسل يديه إلى كوعيه: بسم الله،
ــ
قوله: [ثم لا بد لهذه السنن الثلاثة]: المناسب تأخير هذه العبارة عن سنة الاستنثار. ويبدل الثلاثة بالأربعة؛ لأن كلامه يوهم أن الاستنثار لا يتوقف على نية، وليس كذلك. بل حكم الأربعة واحد.
قوله: [لحصول السنة بالنية]: اللام للتعليل علة للإعادة، فـ[أل] في "السنة" للجنس، فيشمل السنن الأربعة.
قوله: [مع وضع] إلخ: فإن لم يضع أصبعيه على أنفه. ولا أنزل الماء من الأنف بالنفس -وإنما نزل بنفسه- فلا يسمى استنثارًا بناء على أن وضع الأصبعين من تمام السنة، وقيل إن ذلك مستحب.
قوله: [من يده اليسرى]: هو مستحب كخصوص السبابة والإبهام.
قوله: [ظاهرهما وباطنهما]: الظاهر ما يلي الرأس والباطن ما يلي الوجه، لأنها خلقت كالوردة ثم انفتحت وقيل بالعكس.
قوله: [السادسة] إلخ: وبقي لهما سنة أخرى وهي مسح الصماخين وهو الثقب الذي يدخل فيه رأس الأصبع من الأذن كما في المواق نقلًا عن اللخمي وابن يونس، وقد ذكره الأصل. لكن الذي يفيده التوضيح أن مسح الصماخين من جملة مسح الأذنين، لا أنه سنة مستقلة فلذا تركه هنا وعدها ثمانية.
قوله: [رد مسح الرأس]: أي إلى حيث بدأ فيرد من المؤخر إلى المقدم أو عكسه أو من أحد الفودين.
قوله: [وإلا سقطت] إلخ: أي لأنه يكره التحديد كما سيأتي في المكروهات. وقد علمت أن الرد سنة لا فرق بين الشعر الطويل والقصير خلافًا لمن فصل.
قوله: [وترتيب فرائضه]: أي وأما السنن في أنفسها أو مع الفرائض، فسيأتيان في الفضائل. وحاصل ما قاله المصنف والشارح: أن ترتيب الفرائض في أنفسها سنة. فإن خالف ونكس - بأن قدم عضوًا عن محله - فلا يخلو: إما أن يكون ذلك عمدًا أو جهلًا أو سهوًا، وفي كل: إما أن يطول الأمر أم لا. فإن كان الأمر قريبًا بحيث لم يحصل جفاف أتى بالمنكس مرة، إن كان غسله أولًا ثلاثًا أو مرتين، وإلا كمل تثليثه وأعاد ما بعده مرة مرة على ما تقدم. لا فرق بين كونه عامدًا أو جاهلًا أو ناسيًا وإن طال، فإن كان عامدًا أو جاهلًا ابتدأ وضوءه ندبًا، أو ناسيًا فعله فقط مرة واحدة لا فرق بين كون الطول عمدًا أو عجزًا أو سهوًا؛ فصور الطول تسعة والقرب ثلاثة، تأمل. قوله: [فعله مرة فقط]: على المعتمد كما قال الشيخ سالم والطخيخي وارتضاه، خلافًا للأجهوري في قوله يعاد في حالة القرب ثلاثًا.
قوله: [وفضائله]: أي خصاله وأفعاله المستحبة.
قوله: [وتقليل] إلخ: أحسن من قول غيره: وقلة لأن الموصوف بكونه مستحبًا إنما هو التقليل لا القلة إذ لا تكليف إلا بفعل، ومعناه يستحب أن يكون الماء المستعمل - وهو الذي يجعل على العضو - قليلًا، وإن كان يتوضأ من البحر.
قوله: [فخرج الكنيف] إلخ: أي بقوله: شأنه الطهارة.
قوله: [استقبال القبلة]: أي إن أمكن بغير مشقة.
قوله: [التسمية]: جعلها من فضائل الوضوء هو المشهور من المذهب، خلافًا لمن قال بعدم مشروعيتها فيه وأنها تكره
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يعد).
[٢] في ط المعارف: (ولو).
1 / 47