وليس بمراد. ومحل وجوب الموالاة إن كان ذاكرًا قادرًا عليها. فإذا فرق بين الأعضاء اختيارًا مع القدرة عليها بطل ما فعله من الوضوء، وأعاده بالنية. وإن فرق ناسيًا كونه في وضوء، أو عاجزًا عنها، ففيه تفصيل أشار له بقوله: (وبنى الناسي مطلقًا بنية الإتمام كالعاجز إن لم يفرط، وإلا بنى ما لم يطل بجفاف عضو وزمن اعتدلا كالعامد): يعني أن من فرق بين الأعضاء ناسيًا كونه في وضوء فإنه يبني على ما فعل طال الزمن أو لم يطل، ولو أكثر من نصف النهار، بنية إتمام وضوئه وهو معنى الإطلاق. وأما لو فرق عاجزًا عن إكمال الوضوء فإن لم يكن مفرطًا في أسباب العجز؛ كما لو أعد ماء كافيًا لوضوئه فأهريق منه، أو غصب أو أكره على عدم الإتمام فإنه يبني كالناسي مطلقًا طال أو لم يطل - وإن كان مفرطًا - كما لو أعد من الماء ما لا يكفيه ولو ظنًا ولم يكفه - فإنه: يبني على ما فعل ما لم يطل الفصل، وصار حكمه حكم العامد المختار؛ كالذي يغسل بعض الأعضاء بمكان، ثم ينتقل لتكميله بمكان آخر، أو استمر في مكانه تاركًا لتكميل وضوئه قصدًا بلا رفض. فإن طال ابتدأ وضوءه وجوبًا لعدم الموالاة. والطول يقدر بجفاف العضو الأخير في الزمن المعتدل؛ أي الذي لا حرارة به ولا برودة ولا شدة هواء. ويعتبر أيضًا اعتدال العضو، أي توسطه بين الحرارة والبرودة، احترازًا من عضو الشاب والشيخ الكبير السن. ولا بد من اعتبار اعتدال المكان أيضًا بأن لا يكون القطر حارًا ولا باردًا.
(وأتى بالمنسي فقط إن طال، وإلا أعاد ما بعده للترتيب): هذه المسألة من تعلقات الترك لبعض الأعضاء نسيانًا. وحاصلها: أن من فعل بعض الأعضاء وترك جميع ما بعده، كما لو غسل وجهه وترك الباقي نسيانًا منه، بأن ذهل عن كونه يتوضأ، فإنه يفعل ذلك الباقي بنية، طال أو لم يطل كما علم مما تقدم. وأما لو ترك عضوًا أو لمعة في أثناء وضوئه نسيانًا وتمم بقية الأعضاء معتقدًا الكمال، ثم تذكر المتروك،
ــ
تنبيه: لا يضر إضافة الماء بسبب الدلك حيث عم الماء العضو حالة كونه طهورًا، إلا أن يتجسد الوسخ قاله شيخنا في مجموعه.
قوله: [وليس] [١]: أي بل المراد عدم التراخي الذي به الجفاف.
قوله: [قادرًا عليها]: قيدها المصنف والشارح بالقدرة تبعًا لخليل، وهو المشهور، وإن نازعه (ر) وغيره. وقيل: سنة وعليه إن فرق ناسيًا لا شيء عليه. وكذا عامدًا على ما لابن عبد الحكم. ومقابله قول ابن القاسم: يعيد الوضوء والصلاة أبدًا، كترك سنة من سنتها عمدًا على أحد القولين، والثاني لا تبطل اهـ من الأصل.
قوله: [وأعاده بالنية]: أي ابتدأه وجوبًا إن أراد الصلاة.
قوله: [فإنه يبني] إلخ: أي إن شاء، لأنه من جملة العبادة التي لا تلزم بالشروع، فالمتوضئ مخير في إتمام الوضوء وتركه، حصل نسيان أم لا. فيجوز له رفض النية ويبتدئه. قال ابن عرفة:
صلاة وصوم ثم حج وعمرة ... طواف عكوف وائتمام تحتما
وفي غيرها كالطهر والوقف خيرن ... فمن شاء فليقطع ومن شاء تمما
ولابن كمال باشا من الحنفية:
من النوافل سبع تلزم الشارع ... أخذًا لذلك مما قاله الشارع
صوم صلاة عكوف حجه الرابع ... طوافه عمرة إحرامه السابع
فأراد الإحرام مع الجماعة والدخول معهم. وهو الائتمام في كلام ابن عرفة، ويجب فرض الكفاية بالشروع أيضًا، قال المحلي وإنما لم يتعين طلب العلم الكفائي بالشروع؛ لأن كل مسألة منه بمنزلة عبادة مستقلة.
قوله: [بنية إتمام] إلخ: أي بتجديد نية. لأن النية الأولى ذهبت بخلاف العاجز فنيته حاضرة حكمًا فلا يحتاج لتجديد.
قوله: [كما لو أعد ماء كافيًا]: أي تحقيقًا.
قوله: [أو أكره على عدم الإتمام]: أي أو تبين أنه لا يكفيه أو سرق منه.
قوله: [مطلقًا]: بيان لوجه الشبه لكن الناسي بتجديد النية بخلاف هذا لما علمت. فجملة الصور التي يبني فيها مطلقًا خمس غير الناسي.
قوله: [ولو ظنًا]: ما قبل المبالغة: الجزم بعدم الكفاية. فمن أعد من الماء ما لا يكفيه جزمًا أو ظنًا يبني ما لم يطل كما قال الشارح. وأولى منهما في الحكم من ظن الكفاية أو شك فيها. ومثل هذه الصور؛ المفرق عمدًا بغير نية رفض الوضوء. فتحصل أن الصور التي يبني فيها -ما لم يطل- خمس، والصور التي يبني فيها -ولو طال- ست بالناسي. وكلها تؤخذ من المتن فتؤخذ الست التي يبني فيها مطلقًا من قوله: [وبنى الناسي مطلقًا بنية إتمام الوضوء كالعاجز إن لم يفرط] وتؤخذ الخمس التي يبني فيها ما لم يطل من قوله: [وإلا بنى ما لم يطل]، وقوله: [كالعامد] وقال شيخنا في مجموعه: من علم عدم الكفاية أو ظنها فلا يبني ولو قرب للتلاعب والدخول على الفساد.
قوله: [ولا بد من اعتبار اعتدال المكان]: كما عزاه الفاكهاني لابن حبيب.
قوله: [هذه المسألة من تعلقات] إلخ: فلذلك قدمها هنا، وإن ذكرها خليل في السنن.
قوله: [كما علم مما تقدم]: أي من مسألة البناء نسيانًا، فإن كان صلى أعاد الصلاة بعد إتمام الوضوء.
قوله: [وأما لو ترك عضوًا] إلخ: شروع في معنى المصنف هنا.
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد في ط المعارف: (بمراد).
1 / 44