واغتفر الخيطان. وأما الغسل فلا بد فيه من نقض ما اشتد ضفره ولو بنفسه بحيث لا يظن سريان الماء في خلاله كالمضفور بخيوط كثيرة. وأدخل الماسح يده وجوبًا تحت الشعر المستطيل في رد المسح إذ لا يحصل التعميم إلا به. ومحل قولهم: الرد سنة، أي بعد التعميم، ذكره الأجهوري. ورد: بأن جميع نصوص أهل المذهب على أن الرد بعد مسح ظاهر الشعر أولًا سنة، ولا يجب رد أصلًا.
(وغسل الرجلين بالكعبين الناتئين بمفصلي الساقين مع تعهد ما تحتهما كأخمصيه، وندب تخليل أصابعهما): الفريضة الرابعة: غسل جميع الرجلين، أي القدمين مع إدخال الكعبين في الغسل؛ وهما العظمان الناتئان أي البارزان أسفل الساق تحتهما مفصل الساق، والمفصل - بفتح الميم وكسر الصاد المهملة - واحد المفاصل. وبالعكس للسان [١]. ويجب تعهد ما تحتهما كالعرقوب والأخمص - وهو باطن القدم - بالغسل، وكذا سائر المغابن. ويندب تخليل أصابع الرجلين، يبدأ ندبًا بخنصر اليمنى، ويختم بإبهامها من أسفلها بسبابته، ثم يبدأ بإبهام اليسرى ويختم بخنصرها كذلك، والدلك باليد اليسرى.
(ودلك خفيف بيد): الفريضة الخامسة: الدلك: وهو إمرار اليد على العضو ولو بعد صب الماء قبل جفافه، والمراد باليد: باطن الكف كما استظهره بعضهم فلا يكفي دلك الرجل بالأخرى، خلافًا لابن القاسم، ولا الدلك بظاهر اليد. وهذا في الوضوء، وأما في الغسل فيكفي كما سيأتي. ويندب أن يكون خفيفًا مرة واحدة.
ويكره التشديد والتكرار لما فيه من التعمق في الدين المؤدي للوسوسة.
(وموالاة إن ذكر وقدر): الفريضة السادسة: الموالاة بين أعضاء الوضوء بأن لا يتراخى بينهما. والتعبير بالموالاة أولى من التعبير بالفور، لأنه يوهم العجلة حين غسل الأعضاء،
ــ
والغسل: اشتد أم لا. وبخيط أو بخيطين إن اشتد فيهما نقض وإلا فلا. وبنفسه لا ينقض في الوضوء مطلقًا، وينقض في الغسل إن اشتد، لا فرق في تلك الصور بين الذكر والأنثى، قال شيخنا الجداوي ﵀:
إن في ثلاث الخيط يضفر الشعر ... فنقضه في كل حال قد ظهر
وفي أقل إن يكن ذا شده ... فالنقض في الطهرين صار عمده
وإن خلا عن الخيوط أبطله ... في الغسل إن شد وإلا أهمله
تنبيه:
ينفع النساء في الوضوء تقليد الشافعي أو أبي حنيفة، وفي الغسل تقليد أبي حنيفة لأنه يكتفي في الغسل بوصول الماء للبشرة وإن لم يعم المسترخي من الشعر.
بل لو كان المسترخي جافًا عنده فلا ضرر، كما ذكره في الدر المختار.
قوله: [واغتفر الخيطان]: أي إن لم يشتد كما تقدم.
قوله: [ولا يجب رد أصلًا]: وهو المعول عليه كما ذكره الزرقاني وجمهور أهل المذهب، لأن له حكم الباطن، والمسح مبني على التخفيف. ومحل كون الرد سنة ولو في الشعر الطويل - إذا بقي بيده بلل من المسح الواجب، فإن بقي ما يكفي بعد الرد هل يسن بقدر البلل فقط -وهو الظاهر- أو يسقط؟ اهـ من الأصل. فإذا علمت ذلك فالمصنف مشى على كلام الأجهوري، وقد ظهر للشارح ضعفه.
قوله: [بالكعبين]: الباء للمصاحبة بمعنى مع، بخلافها في قوله: [بمفصلي الساقين]، فإنها للظرفية بمعنى: في.
قوله: [واحد المفاصل]: هو مجمع مفصل الساق من القدم، والعقب تحته.
قوله: [كالعرقوب]: هو مؤخر القدم، ومراده بالعرقوب ما يشمل العقب، وإنما نص عليه لقوله في الحديث الشريف: «ويل للأعقاب من النار».
قوله: [ويندب تخليل] إلخ: أي على المشهور خلافًا لمن قال بوجوب التخليل في الرجلين كاليدين. فالحاصل أنه قيل بوجوبه فيهما وندبه فيهما. والمشهور الوجوب في اليدين والندب في الرجلين، وإنما وجب في اليدين لعدم شدة التصاقهما بخلاف الرجلين.
قوله: [من أسفلها] إلخ: مندوب ثان.
تنبيه: قال شيخنا في مجموعه: ولا يعيد مزيل كاللحية على الراجح ولو كثيفة، وحرم على الرجل ووجب على المرأة، وكذا لا يعتبر كشط جلد، وأولى قلم ظفر وحلق رأس. ولا ينبغي تركه الآن لمن عادته الحلق اهـ. قال في حاشيته: لأنه صار علامة على دعوى الولاية، والكذب فيها يخشى منه سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى.
قوله: [ودلك] إلخ: هو واجب لنفسه، ولو وصل الماء للبشرة على المشهور بناء على دخوله في مسمى الغسل، وإلا كان مجرد إفاضة أو غمس. إن قلت: حيث كان الدلك داخلًا في مسمى الغسل، ففرضية الغسل مغنية عنه فلا حاجة لذكره؟ قلت: ذكره للرد على المخالف القوي القائل: إنه واجب لإيصال الماء للبشرة، فإن وصل لها بدونه لم يجب بناء على أن إيصال الماء للبشرة من غير دلك يسمى غسلًا اهـ من حاشية الأصل نقلا عن العلامة العدوي.
قوله: [ولو بعد صب الماء] إلخ: أي كما قاله ابن أبي زيد وهو المعتمد خلافًا لأبي الحسن القابسي حيث قال: لا بد من مقارنة اليد للصب.
قوله: [والمراد باليد] إلخ: هذا مشهور المذهب وعليه الأجهوري ومن تبعه. وفي (بن) نقلًا عن المسناوي: أن الدلك في الوضوء كالغسل سواء بسواء، فيكفي الدلك بأي عضو كان، أو بخرقة أو بحك إحدى الرجلين بالأخرى، كما يؤخذ من حاشية الأصل ومن شيخنا في حاشية مجموعه.
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (اللسان)، ولعلها الصواب.
1 / 43