وظاهر شفتيه، وما غار من جفن أو غيره، بتخليل شعر تظهر البشرة تحته): هذا مفرع على ما قبله؛ أي إذا علمت وجوب غسل جميع الوجه، فيجب غسل وترة الأنف - بفتح التاء الفوقية والواو - وهي الحاجز بين طاقتي الأنف، وغسل أسارير الجبهة - وهي التكاميش - جمع أسرة كأزقة [١]، واحده سرار كزمام، أو جمع أسرار كأعناب واحده سرر كعنب. فأسارير جمع الجمع على كل حال. وغسل ظاهر الشفتين. وغسل ما غار من جفن أو غيره، كأثر جرح أو ما خلق غائرًا، وأما قول الشيخ: " لا جرحًا برئ أو خلق غائرًا "، فمحمول على ما إذا لم يمكن غسله. ومعلوم أن كل ما لم يمكن تحصيله لم يخاطب به المكلف، فكان عليه حذف حرف النفي وعطفه على المثبت. مع وجوب تخليل شعر - بفتح الشين المعجمة والعين المهملة - إذا كانت البشرة، بفتح الباء الموحدة والشين المعجمة: الجلدة التي تظهر في مجلس المخاطبة تحت الشعر، وهو الشعر الخفيف سواء كان شعر لحية أو حاجب أو غيرهما. والمراد بالتخليل: إيصال الماء للبشرة بالدلك على ظاهره. وأما الكثيف فلا يجب عليه تخليله أي إيصال الماء للبشرة تحته، فلا ينافي أنه يجب تحريكه ليدخل الماء بين ظاهره وإن لم يصل للبشرة.
(وغسل اليدين إلى المرفقين بتخليل أصابعه لا تحريك خاتمه المأذون فيه): الفريضة الثانية: غسل اليدين إلى المرفقين، بإدخالهما في الغسل مع وجوب تخليل أصابعه ومعاهدة تكاميش الأنامل أو غيرها. ولا يجب تحريك الخاتم المأذون فيه لرجل أو امرأة ولو ضيقًا لا يدخل الماء تحته، ولا يعد حائلًا. بخلاف غير المأذون فيه كالذهب للرجل أو المتعدد، فلا بد من نزعه ما لم يكن واسعًا يدخل الماء تحته فيكفي تحريكه؛ لأنه بمنزلة الدلك بالخرقة. ولا فرق بين الحرام كالذهب، أو المكروه كالنحاس، وإن كان المحرم يجب نزعه على كل حال من حيث إنه حرام. وقوله: خاتمه الإضافة فيه للجنس، فيشمل المتعدد للمرأة.
(ومسح جميع الرأس مع شعر صدغيه وما استرخى، لا نقض ضفره. وأدخل يده تحته في رد المسح) الفريضة الثالثة: مسح جميع الرأس من منابت الشعر المعتاد من المقدم إلى نقرة القفا مع مسح شعر صدغيه مما فوق العظم الناتئ في الوجه. وأما هو فلا يمسح بل يغسل في الوجه. ويدخل في الرأس البياض الذي فوق وتدي الأذنين كما مر، ومع مسح ما استرخى من الشعر ولو طال جدًا. وليس على الماسح - من ذكر أو أنثى - نقض مضفوره ولو اشتد الضفر ما لم يكن بخيوط كثيرة، وإلا نقض؛ لأنها حائل،
ــ
الناصية.
قوله: [وظاهر شفتيه]: هو ما يبدو منهما عند انطباقهما انطباقًا طبيعًا.
قوله: [مع وجوب تخليل شعر] إلخ: الحاصل أن اللحية حيث كانت خفيفة -وكل شعر في الوجه خفيف- يجب عليه إيصال الماء للبشرة، لا فرق بين ذكر وأنثى.
وإن كان الشعر كثيفًا يكره تخليله في الوضوء، سواء كان لحية أو غيرها لذكر أو أنثى.
ولا يطالب على كل حال بغسل أسفل اللحية الذي يلي العنق كانت كثيفة أو خفيفة.
قوله: [على ظاهره]: أي لا باطنه الذي يلي العنق، فلا يطالب بغسله وغسله من التعمق في الدين.
تنبيه: يجب على المتوضئ عند غسل وجهه إزالة ما بعينيه من القذي، فإن وجد بعينيه شيئًا بعد وضوئه وأمكن حدوثه لطول المدة، حمل على الطريان، حيث أمر يده على محله حين غسل وجهه.
قوله: [وغسل اليدين]: أي للسنة والإجماع وإن صدقت الآية بيد واحدة أخذًا من مقابلة الجمع بالجمع.
قوله: [بإدخالهما في الغسل]: للسنة والإجماع، وإلا فالأصل في "إلى" عدم الإدخال. كما قال الأجهوري:
وفي دخول الغاية الأصح لا ... تدخل مع إلى وحتى دخلا
وسميا مرفقين لأن المتكئ يرتفق بهما إذا أخذ براحته رأسه متكئًا على ذراعيه.
تنبيه: يلزم الأقطع أجرة من يطهره، فإن لم يجد فعل ما أمكنه، قاله شيخنا في مجموعه ويلزم غسل بقية معصم إن قطع المعصم، وكل عضو سقط بعضه يتعلق الحكم بباقيه غسلًا ومسحًا، كما يلزمه غسل كف خلقت بمنكب ولم يكن له سواها، فإن كان له يد سواها فلا يجب غسل الكف إلا إذا نبتت في محل الفرض أو غيره وكان لها مرفق، فتغسل للمرفق؛ لأن لها حينئذ حكم اليد الأصلية، بل لو كثرت الأيادي التي بالمرافق تغسل كلها، فإن لم يكن لها مرفق فلا غسل ما لم تصل لمحل الفرض، فإن وصلت غسل ما وصل إلى محاذاة المرفق كما استظهره بعضهم.
ويقال في الرجل الزائدة ما قيل في اليد، وينزل الكعب منزلة المرفق اهـ من الأصل.
قوله: [مع وجوب تخليل أصابعه]: إشارة إلى أن الباء في "بتخليل" بمعنى مع.
قوله: [ولو ضيقًا]: لكنه إذا كان ضيقًا فنزعه تدارك ما تحته ومنه أساور المرأة. والظاهر لا يجب تعميم الخاتم نيابة عما تحته بخلاف الشوكة.
قوله: [من حيث إنه حرام]: أي لا من حيث توقف صحة الوضوء عليه، فإن الوضوء صحيح حيث كان واسعًا على كل حال.
قوله: [ومسح جميع الرأس]: أي على المشهور، ولا يلزم غسله عند كثرة العرق؛ لأن المسح مبني على التخفيف، خلافًا لمن زعم أنه يغسله عند العرق لئلا يضيف الماء، فليس كلامه بشيء، فلو وقع ونزل وغسله أجزأه مع الكراهة.
قوله: [بخيوط كثيرة]: حاصلة أنه إن كان بأكثر من خيطين نقض في الوضوء
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (كأزمة).
1 / 42