على طهارة الخبث وما يتعلق بها شرع في الكلام على طهارة الحدث؛ صغرى وكبرى، وما يتعلق بها. وبدأ بالصغرى فقال:
فصل [١]: (فرائض الوضوء: غسل الوجه من منابت شعر الرأس المعتاد إلى منتهى الذقن أو اللحية وما بين وتدي الأذنين): فرائض الوضوء سبعة: أولها: غسل جميع الوجه، وحده طولًا من منابت شعر الرأس المعتاد إلى منتهى الذقن فيمن لا لحية له أو منتهى اللحية فيمن له لحية. والذقن - بفتح الذال المعجمة والقاف مجمع اللحيين - بفتح اللام - تثنية لحي: وهو فك الحنك الأسفل. واللحية - بفتح اللام - هي الشعر النابت على ذلك. وخرج بقوله: المعتاد: الأصلع - بالصاد المهملة - وهو من انحسر شعر رأسه إلى جهة اليافوخ، فلا يجب عليه أن ينتهي في غسله إلى منابت شعره. وخرج الأغم: وهو من نزل شعر رأسه إلى جهة حاجبه؛ فيجب عليه أن يدخل في غسله ما نزل عن المعتاد. ولا بد من إدخال جزء يسير من الرأس؛ لأنه مما لا يتم الواجب إلا به، وحده عرضًا من وتد الأذن إلى الوتد الآخر؛ فلا يدخل الوتدان في الوجه ولا البياض الذي فوقهما ولا شعر الصدغين، ويدخل فيه البياض الذي تحتهما؛ لأنه من الوجه.
(فيغسل الوترة وأسارير جبهته
ــ
والنجسة، وبيان حكم إزالة النجاسة، وكيفية إزالتها من الثوب والبدن والمكان، وما يعفى منها وما لا يعفى أتبع ذلك بالكلام على مقاصد الطهارة وهي: الوضوء ونواقضه، والغسل ونواقضه، وما هو بدل عنهما وهو التيمم، أو عن بعض الأعضاء وهو مسح الخف والجبيرة، فلذلك قال الشارح شرع الكلام إلخ.
قوله: [طهارة]: أراد بها التطهير؛ لأن الطهارة كما تطلق على الصفة الحكمية تطلق على التطهير؛ لأنه الذي يتعلق به الوجوب.
فصل
قوله: (فرائض) إلخ: جمع فريضة: وهو الأمر الذي يثاب على فعله ويترتب العقاب على تركه، ويقال فيه أيضًا: فرض، ويجمع الفرض على فروض. فإن قيل: فرائض جمع كثرة، وهو من العشرة ففوق مع أنها سبعة؟ يقال: استعمال جمع الكثرة في القلة أو بناء على أن مبدأ جمع الكثرة من ثلاثة بناء على أنهما متحدان في المبدأ، وقول (تت): فرائض جمع فرض فيه نظر؛ لأن فعلًا لا يجمع على فعائل بل هو جمع فريضة بمعنى مفروضة. ومراده بالفرض هنا ما تتوقف صحة العبادة عليه. فيشمل وضوء الصبي، والوضوء قبل الوقت. والوضوء بضم الواو: الفعل، وبفتحها: الماء على المعروف في اللغة، وحكي الضم والفتح فيهما. وهل هو اسم للماء المطلق؟ أو له بعد كونه معدًا للوضوء، أو بعد كونه مستعملًا في العبادات؟ مشتق من الوضاءة بالمد - وهي النظافة بالظاء المعجمة - والحسن. وشرعًا: طهارة مائية تتعلق بأعضاء مخصوصة على وجه مخصوص وهي الأعضاء الأربعة. وإنما خصت بذلك؛ لأنها محل اكتساب الخطايا، ولأن آدم مشى إلى الشجرة برجليه وتناول منها بيده، وأكل بفمه، ومسح رأسه بورقها. واختص الرأس بالمسح لستره غالبًا فاكتفي بأدنى طهارة. واعلم أن الناس اختلفوا في عدد فرائض الوضوء. ومحصل ذلك أن منها فرضًا بإجماع. وهو الأعضاء الأربعة، وعلى مشهور المذهب وهي النية والدلك والفور اهـ. من الخرشي والحاشية.
وفرائض مبتدأ خبره محذوف يؤخذ من حل الشارح تقديره سبعة، وقوله: غسل الوجه خبر لمبتدإ محذوف قدره الشارح، ويصح جعله خبرًا عن فرائض.
وقوله: [من منابت]: متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف قدره الشارح بقوله: (وحده طولًا) إلخ.
وقوله: [وما بين وتدي الأذنين]: خبر لمبتدأ محذوف قدره الشارح بقوله: (وحده عرضًا) إلخ.
قوله: [غسل جميع الوجه]: أي ولو تعدد لشخص واحد.
قوله: [بفتح اللام]: وحكي كسرها في المفرد والمثنى.
قوله: [فك الحنك الأسفل]: وهو قطعتان ومحل اجتماعهما هو الذقن، وسمي فكًا؛ لأن كل واحد من الأعلى والأسفل مفكوك عن صاحبه.
قوله: [واللحية بفتح اللام]: ويجوز كسرها وجمعها: لحى بالكسر.
قوله: [الأصلع] إلخ: الحاصل أن خلو مقدم الرأس من الشعر، يقال له صلع ولصاحبه أصلع. والأنزع: هو الذي له نزعتان -بفتحتين- أي بياضان يكتنفان ناصيته؛ فكما لا تدخل ناصية الأصلع في الوجه لا يدخل البياضان للأنزع.
قوله: [ولا بد] إلخ: أي كما لا بد من إدخال جزء من الوجه في مسح الرأس، وليس لنا فرض يغسل ويمسح إلا الحد الذي بين الوجه والرأس.
قوله: [لأنه مما لا يتم] إلخ: أي فهو واجب، وهل بوجوب مستقل؟ أو بوجوب الواجب الذي يتم به؟ قولان.
قوله: [وحده عرضًا] إلخ: الحاصل أن بعض الصدغ من الوجه وهو العظم الناتئ، فما دونه، وبعضه من الرأس وهو ما فوقه الشعر، فما بين شعر الصدغين من الوجه قطعًا؛ وشعر الصدغين من الرأس قطعا، ً وما فوق الوتدين من البياض كذلك، وما تحت الوتدين من الوجه، فيغسل. ودخل في الوجه الجبينان وهما المحيطان بالجبهة يمينًا وشمالًا اهـ. من الحاشية.
قوله: [جبهته]: المراد بها هنا ما ارتفع عن الحاجبين إلى مبدإ الرأس، فيشمل الجبينين، كما تقدم، بخلاف الجبهة في السجود فهي مستدير ما بين الحاجبين إلى
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] زاد بعدها في ط المعارف: (في فرائض الوضوء وسننه وفضائله ومكروهاته ومندوباته وشروط صحته ووجوبه).
1 / 41