وعمري نحو عشر سنين، وشوهدت له كرامات.
(الحمد لله مُولي النعم والشكر له على ما خص منها وعم) الحمد هو الوصف بالجميل اختياريًّا أم لا فعلًا أم لا على فعل جميل اختياري، والشكر ما دل على تعظيم المنعم لإنعامه من قول أو فعل أو اعتقاد، وشكر المنعم واجب بالشرع،
ــ
تلك السورة على الأبواب المغلقة فتفتح [١] بغير مفتاح، فشاع عني - وأنا صغير - أني أفتح الأبواب بغير مفتاح.
قوله: [وعمري نحو عشر سنين]: فيكون مولد الشيخ سنة ثمان وعشرين ومائة، وكانت وفاته ليلة الجمعة لثمان خلون من ربيع الأول سنة مائتين وواحد بعد الألف؛ فسنه ثلاث وسبعون سنة، ودفن بمشهده المشهور بالكعكيين، وكراماته في الحياة وبعد الممات أظهر من الشمس في رابعة النهار. وأقول كما قال بعض العارفين:
لي سادة من عزهم ... أقدامهم فوق الجباه
إن لم أكن منهم فلي ... في حبهم عز وجاه
قوله: [وشوهدت له كرامات]: قد تقدم لك بعضها.
قوله: [الحمد لله]: لما افتتح بالبسملة افتتاحًا حقيقيًا افتتح بالحمد له افتتاحًا إضافيًا، وهو ما تقدم على الشروع في المقصود بالذات جمعًا بين حديثي البسملة والحمدلة، وحمل البسملة على الابتداء الحقيقي، والحمدلة على الابتداء الإضافي لموافقة القرآن العزيز، ولقوة حديث البسملة على حديث الحمدلة، وهو قوله ﷺ: «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم»، وهناك أوجه أخر مشهورة لدفع التعارض.
وجملة الحمد لله إلى آخر الكتاب مقول القول في محل نصب لأن القول لا ينصب إلا الجمل أو المفرد الذي في معنى الجملة، أو المفرد الذي قصد لفظه ما لم يجر مجرى الظن، فينصب المفردات كما هو معلوم من قول ابن مالك:
وكتظن اجعل تقول إن ولي ... مستفهمًا به ولم ينفصل
إلى أن قال:
وأجري القول كظن مطلقا ... عند سليم نحو قل ذا مشفقا
وأل فيه قيل للجنس وقيل للاستغراق وقيل للعهد وهو حمد المولى نفسه بنفسه أزلًا، لأنه لما علم عجز خلقه عن أداء كنه حمده حمد نفسه بنفسه أزلًا، ثم أمرهم أن يحمدوه بذلك الحمد، واللام في لله قيل للملك أو للاستحقاق أو للتعليل، فعلى الأول معناه جميع المحامد مملوكة لله، وعلى الثاني مستحقة لله، وعلى الثالث ثابتة لأجله، وجملة الحمد خبرية لفظًا إنشائية معنى، وكانت اسمية للدلالة على الثبوت والدوام واقتداء بالكتاب العزيز، وأصل الحمد لله أحمد حمد الله فحذف الفعل لدلالة المصدر عليه فبقي حمد الله، ثم عدل من النصب إلى الرفع لدلالة الثبوت والدوام، فصار حمد لله، ثم أدخلت الألف واللام لقصد الاستغراق أو الجنس أو العهد كما تقدم.
قال الفاكهاني في شرح الرسالة: ويستحب الابتداء بها لكل مصنف ومدرس وخطيب وخاطب ومتزوج ومزوج، وبين يدي سائر الأمور المهمة، وكذا الصلاة على رسول الله ﷺ اهـ باختصار.
قوله: [هو الوصف إلخ]: شروع في معنى الحمد والشكر اللغويين، ولم يتعرض لمعناهما الاصطلاحيين، ومعلوم أن الحمد الاصطلاحي هو الشكر اللغوي، والشكر الاصطلاحي هو صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه إلى ما خلق لأجله، وإنما اقتصر الشارح على المعنى اللغوي في كل لأنه الذي يحمل عليه الشرع إذ لم يكن له اصطلاح خاص، وأما قولهم الحمد اصطلاحًا والشكر اصطلاحًا، فالمراد اصطلاح الناس لا اصطلاح الشرع، فإنه موافق للمعنى اللغوي في كل، ومعنى الوصف الذكر وهذا التعريف سالم من جميع ما يرد على التعريف المشهور، لأن قوله الوصف بالجميل يشمل أقسام الحمد الأربعة المشهورة، وظهر من هذا التعريف أن مورد الحمد خاص ومتعلقه عام، ومورد الشكر عام، ومتعلقه خاص لتقييده بقوله لإنعامه، والنسب بين المعاني الأربعة معلومة.
قوله: [اختياريًا أم لا إلخ]: تعميم في المحمود به إشارة إلى أنه لا يشترط أن يكون اختياريًا، وقوله على فعل جميل اختياري هو المحمود عليه، وفيه إشارة إلى أنه يشترط أن يكون اختياريًا اهـ من تقرير الشارح.
قوله: [واجب بالشرع]: أي لا بالعقل خلافًا للمعتزلة الذين حكموا العقل في الحسن والقبح، بل الحسن ما حسنه الشرع، والقبيح ما قبحه الشرع، ومعنى كونه واجبًا أنه يتحتم على كل مكلف اعتقاد أن كل نعمة ظهرت في الدنيا والآخرة فهي منه تعالى، بل هذا
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (فتفتتح).
1 / 5