من بول أو غائط، وحكم الاستبراء والاستنجاء والاستجمار
وهذه الأحكام من متعلقات طهارة الخبث فوجب تقديمها على طهارة الحدث. والشيخ ﵀ أخرها عن فرائض الوضوء وما يتعلق به، نظرًا إلى أنها قد تطرأ على الإنسان بعد الوضوء.
(آداب قضاء الحاجة: جلوس بطاهر، وستر لقربه، واعتماد على رجل يسرى مع رفع عقب اليمنى، وتفريج فخذيه، وتغطية رأسه، وعدم التفاته): المراد بالآداب: الأمور المطلوبة ندبًا لمريد قضاء حاجته من بول أو غائط.
فيندب له الجلوس ويتأكد في الغائط. وأن يكون بمحل طاهر إذا كان بالفضاء خوفًا من تلوث ثيابه بالنجاسة. وأن يكون المحل رخوًا كالتراب والرمل، لا صلبًا كالحجر لئلا يتطاير عليه البول. وأن يديم الستر حال انحطاطه للجلوس لقرب المحل الذي يقضي به حاجته. فلا يرفع ثيابه وهو قائم، وهذا في غير الأكنفة. وأن يعتمد حال جلوسه على رجله اليسرى لأنه أعون على خروج الخارج - ولو بولًا - كما هو مشاهد. وأن يرفع عقب رجله اليمنى لما ذكر. وأن يفرج بين فخذيه لذلك حال جلوسه. وأن يغطي رأسه برداء ونحوه، قالوا: ويكفي ولو بطاقية، فالمراد أن لا يكون رأسه مكشوفًا حال قضاء الحاجة. وأن لا يلتفت حال قضاء الحاجة لئلا يرى ما يخاف أذيته فيقوم قبل تمام حاجته فيتنجس مع عدم تمام فرضه. وأما قبل جلوسه فينبغي أن يلتفت حتى يبعد عما يخافه ويطمئن قلبه.
(وتسمية قبل الدخول بزيادة: " اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "، وقوله بعد الخروج: " الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني "): أي ومن الآداب التسمية قبل دخول الخلاء أو قبل محل الجلوس في الفضاء. فإن نسي سمى قبل كشف عورته في الفضاء ولا يسمي بعد دخوله الكنيف،
ــ
والمكروهات، فشمل الصبي والصبية المميزين.
قوله: [من بول أو غائط] بيان للحاجة.
قوله: [وحكم الاستبراء]: وهو وجوب استفراغ الأخبثين.
قوله: [والاستنجاء]: معطوف على الاستبراء أي وحكم الاستنجاء وهو يجري على حكم إزالة النجاسة.
قوله: [والاستجمار] معطوف أيضًا على الاستبراء وحكمه كالاستنجاء.
قوله: [وهذه الأحكام] إلخ: جواب على سؤال مقدر وارد على المصنف تقديره: لم لم توافق أصلك؟ فأجاب بما ذكر.
قوله: [جلوس]: هو وما عطف عليه خبر عن آداب.
قوله: [ندبًا]: أي بحسب غالبها. فلا ينافي أن بعضها واجب كما تقدم التنبيه عليه.
قوله: [لمريد]: إنما قال الشارح ذلك لأن الآداب لا للحاجة، فإن منها ما يفعل قبلها ومعها وبعدها.
قوله: [قاضي حاجته] إلخ: هكذا نسخة الأصل بصيغة اسم الفاعل. ولو ذكره بالمصدر لكان أولى كما ذكره في المتن، وقد يقال أطلق اسم الفاعل. وأراد المصدر.
قوله: [فيندب له الجلوس] إلخ: قال في التوضيح: قسم بعضهم موضع البول إلى أربعة أقسام. فقال: إن كان طاهرًا رخوًا جاز فيه القيام، والجلوس أولى لأنه أستر. وإن كان رخوًا نجسًا: بال قائمًا مخافة أن تتنجس ثيابه. وإن كان صلبًا نجسًا: تنحى عنه إلى غيره، ولا يبول فيه قائمًا ولا جالسًا. وإن كان صلبًا طاهرًا: تعين الجلوس لئلا يتطاير عليه شيء من البول. وقد نظم ذلك الوانشريسي بقوله:
بالطاهر الصلب اجلس ... وقم برخو نجس
والنجس الصلب اجتنب ... واجلس وقم إن تعكس
وقول التوضيح: في الصلب الطاهر يتعين الجلوس، ظاهره الوجوب. وهو ظاهر الباجي وابن بشير وابن عرفة. وظاهر المدونة وغيرها: أن القيام مكروه فقط. ولذلك قال الأصل: ومعنى تعين ندب ندبًا قويًا أكيدًا. اهـ. من حاشية الأصل؛ ففي البول أربعة أقسام قد علمتها. فقول الشارح: [فيندب له الجلوس]: أي في قسمين منها، وهما ما إذا كان المحل طاهرًا رخوًا أو صلبًا. وعلمت أن النجس الصلب يجتنبه مطلقًا لئلا يتنجس. لكنه بحث فيه شيخنا في مجموعه بأنه لا يظهر إذا جلس مع أنه يابس اهـ. وإيضاح بحثه حيث قلتم بطلبه بالجلوس في الصلب الطاهر، فالصلب النجس مثله بجامع اليبس وعدم تلوث الثياب في كل.
قوله: [ويتأكد في الغائط]: قال في الأصل: وأما الغائط فلا يجوز فيه القيام، أي يكره كراهة شديدة فيما يظهر. ومثله بول المرأة والخصي.
قوله: [إذا كان بالفضاء]: أي وأما الأماكن المعدة لقضاء الحاجة في المدن مثلًا فلا يتأتى فيها اشتراط الطهارة.
قوله: [لئلا يتطاير] إلخ: هذا التعليل ينتج اجتناب الصلب قيامًا وجلوسًا طاهرًا أو نجسًا.
قوله: [وهذا في غير الأكنفة]: أي وما فيها فيرفع ثيابه وهو قائم لئلا يتنجس
قوله: [على رجله اليسرى] إلخ: قال في المدخل: يرفع عقب رجله، أي اليمنى على صدرها ويتوكأ على ركبة يسراه أعون.
قوله: [وأن يغطي رأسه]: قيل: حياء من الله ومن الملائكة، وقيل: لأنه أحفظ لمسام الشعر من علوق الرائحة بها.
قوله: [قالوا ويكفي] إلخ: أي وهو المعتمد. والخلاف مبني على الخلاف في علة ندب تغطية الرأس، هل هو الحياء من الله أو خوف علوق الرائحة بمسام الشعر؟ قال (بن): والأول هو المنصوص. اهـ. من حاشية الأصل.
قوله: [فإن نسي سمى] إلخ: هذا هو المشهور وقيل لا تفوت إلا بخروج الخارج. فإن قلت إذا فاته الذكر فبأي شيء
1 / 35