كفم أو تلقي مطر رشة واحدة ولو لم يتحقق تعميمها المحل. ولا يفتقر إلى نية كما أن غسل النجاسة لا يفتقر لها بخلاف طهارة الحدث صغرى أو كبرى فإنها تفتقر لها كما يأتي وأشار بقوله: أو غيرها إلى أنه لا مفهوم لقوله: " باليد ".
وأما لو أصابه شيء تحقيقًا أو ظنًا، ثم شك هل ما أصابه نجس أو طاهر، فلا يجب عليه نضحه ولا غسله لحمله على الطهارة، كما علم من الساقط على مار من أمكنة المسلمين كما مر. وأولى إن شك في الإصابة وفي نجاسة المصيب.
(ولو زال عين النجاسة بغير مطلق لم ينجس ملاقي محلها): إذا زالت عين النجاسة بغير ماء مطلق بأن زالت بماء مضاف أو ماء ورد ونحوه، ثم لاقى محل النجاسة وهو مبلول محلًا طاهرًا من ثوب أو بدن أو غيرهما، أو جف محل النجاسة ولاقى محلًا مبلولًا، لم ينجس ملاقي محل النجاسة في الصورتين؛ لأنه لم يبق إلا الحكم والحكم لا ينتقل؛ وللقول بأن المضاف كالمطلق لا يتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه، وإن كان ضعيفًا.
(وندب إراقة ماء وغسل إنائه سبعًا بلا نية ولا تتريب عند استعماله بولوغ كلب أو أكثر لإطعام [١] وحوض): إذا ولغ كلب أو أكثر في إناء ماء مرة أو أكثر ندب إراقة ذلك الماء، وندب غسل الإناء سبع مرات تعبدًا، إذ الكلب طاهر ولعابه طاهر، ولا يفتقر غسله لنية لأنه تعبد في الغير كغسل الميت. ولا يندب التتريب بأن يجعل في أولاهن أو الأخيرة أو غيرهما تراب، لأن طرق التتريب مضطربة ضعيفة لم يعول عليها الإمام مع كون عمل أهل المدينة على خلافه. ومحل ندب غسله سبعًا عند إرادة استعماله لا قبلها والباء في قوله: بولوغ سببية، والولوغ: إدخال لسانه في الماء وتحريكه أي لعقه، وأما مجرد إدخال لسانه بلا حركة أو سقوط لعابه أو لحسه الإناء فارغًا، فلا يسبع كما لو ولغ في حوض أو طعام ولو لبنًا فإنه لا بأس به ولا يراق ولا يغسل سبعًا، وأشار بقوله: كلب أو أكثر إلى أنه لا يتعدد الغسل سبعًا بولوغ كلب مرات أو كلاب متعددة.
فصل: في بيان آداب قضاء حاجة الإنسان
ــ
عندنا قولًا لأبي الفرج يقول بوجوب إزالة النجاسة مطلقًا ولو مع النسيان كما تقدم لك أول الفصل. ولم يقل أحد بوجوب النضح مطلقًا، بل قيل إنه واجب مع الذكر والقدرة. وقيل إنه سنة مطلقًا وقيل باستحبابه وصرح به عبد الوهاب في المعونة، واستحسنه اللخمي كما في المواق. اهـ من حاشية الأصل.
قوله: [كفم]: ويجري فيه الخلاف المتقدم بين ابن القاسم وأشهب.
قوله: [ولا يفتقر إلى نية]: أي خلافًا لمن يقول بالافتقار لكونه تعبديًا. وأجيب بأن محل كون التعبدي يفتقر لنية إن كان في النفس، وأما في الغير كالحصير والثوب هنا وكغسل الميت، فلا يفتقر لها.
قوله: [كما مر]: أي من حمله على الطهارة عند الشك.
قوله: [وأولى إن شك]: أي في عدم لزوم النضح والغسل لضعف الشك فلذلك تركه المصنف.
تنبيه: ذكر شيخنا في مجموعه أنه يجب الغسل على الراجح لا النضح إذا شك في بقاء النجاسة وزوالها، نعم ملاقي ما شك في بقائها به قبل غسله ينضح من الرطوبة على ما استظهره الحطاب اهـ. ومعنى ما ذكره أنه تحقق نجاسة المصيب لثوب مثلًا وشك هل أزالها أم لا، ثم لاقاها ثوب آخر وهي مبتلة، فالثوب الأول المشكوك في بقاء النجاسة به يجب غسله على الراجح، وأما الثاني المشكوك في إصابة النجاسة فيجب نضحه على ما استظهره (ح) واستظهر (بن) أنه لا يجب عليه شيء في الثوب الثاني لأنه مشكوك في نجاسة ما أصابه.
قوله: [لم ينجس] إلخ: أي ولو كانا رطبين.
قوله: [لأنه لم يبق إلا الحكم] إلخ: أي لأنه أمر اعتباري، والأمور الاعتبارية لا وجود لها.
قوله: [وإن كان ضعيفًا]: أي فهو مشهور مبني على ضعيف، قال شيخنا في مجموعه: وليس من الزوال جفاف البول بكثوب. نعم لا يضر الطعام اليابس كما في (عب) خلافًا لما يوهمه (شب) وتبعه شيخنا.
قوله: [إراقة ماء]: أي إذا كان يسيرًا.
قوله: [تعبدًا]: مفعول لأجله فهو علة لندب الإراقة والغسل، وهو من تعليل العام بالخاص، لأن التعبد طلب الشارع أمرًا غير معقول المعنى، والطلب أعم. وكون الغسل تعبدًا هو المشهور، وإنما حكم بكونه تعبدًا لطهارة الكلب، ولذلك لم يطلب الغسل في الخنزير. وقيل: إن ندب الغسل معلل بقذارة الكلب، وقيل لنجاسته، إلا أن الماء لما لم يتغير قلنا بعدم وجوب الغسل، ولو تغير لوجب. وعلى هذين القولين يلحق الخنزير بالكلب في ندب غسل الإناء من ولوغه. قوله: [لأن طرق التتريب] إلخ: أي لأن التتريب لم يثبت في كل الروايات وإنما ثبت في بعضها وذلك البعض وقع فيه اضطراب.
قوله: [لا قبلها]: هذا هو المشهور وعزاه ابن عرفة للأكثر ولرواية عبد الحق وقيل يؤمر بفور الولوغ.
قوله: [فإنه لا بأس به] إلخ: خلافًا للسادة الشافعية في ذلك كله.
فصل في بيان آداب قضاء حاجة الإنسان
قوله: (آداب): جمع أدب وهو الأمر المطلوب شرعًا عند قضاء الحاجة، أعم من أن يكون الطلب واجبًا أو مندوبًا؛ لأن بعض ما يأتي واجب.
قوله: [حاجة الإنسان]: المراد بالإنسان المكلف ولو بالمندوبات
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (لا طعام)، وهي الصواب كما في «أقرب المسالك».
1 / 34