إن ذكر وقدر أيضًا، فإن لم يذكرها أو لم يقدر على إزالتها أعاد بوقت كالقول الأول. وأما العامد القادر فيعيد أبدًا، لكن ندبًا. فعلم أنهما يتفقان على الإعادة في الوقت ندبًا في الناسي وغير العالم، وفي العاجز، ويتفقان على الإعادة أبدًا في العامد الذاكر لكن وجوبًا على القول الأول، وندبًا على الثاني. وقولنا عن محمول المصلي أعم من قوله: ثوب لأنه يشمل الثوب أي الملبوس وغيره، ويشمل ما استقر ببطنه من النجاسة؛ كأن شرب خمرًا فيجب عليه أن يتقايأها إن أمكن، وإلا كان عاجزًا.
(فسقوطها عليه فيها أو ذكرها مبطل إن اتسع الوقت ووجد ما تزال به): الفاء فاء التفريع [١] فذكرها أولى من ذكر الواو. يعني إذا علمت أن إزالة النجاسة واجبة فسقوطها على المصلي مبطل لصلاته ولو قبل تمام التلفظ بالسلام،
ــ
من الأصل.
قوله: [إن ذكر وقدر أيضًا]: أي فهو قيد في الوجوب والسنية معًا، وقد تبع شارحنا (عب) والأجهوري. وفي ابن مرزوق و(ح) أنه قيد في الوجوب فقط، وأما السنية فهو مطلق، سواء كان ذاكرًا قادرًا أم لا. فإن قلت: جعل القول بالسنية مطلقًا يرد عليه أن العاجز والناسي مطالبان بالإزالة على سبيل السنية، مع أنه قد تقرر في الأصول امتناع تكليفهما، قلت: من قال بالسنية حال [٢] العجز والنسيان أراد ثمرتها من ندب الإعادة في الوقت بعد زوال العذر، وليس مراده طلب الإزالة لعدم إمكانها. وقد يقال: إن الأجهوري نظر إلى رفع الطلب عنهما حالة العذر فقال: إنه قيد فيهما، وغيره نظر إلى طلب الإعادة منهما في الوقت، فقال: إنه قيد في الوجوب فقط، وكلاهما صحيح، وعاد الأمر في ذلك لكون الخلاف لفظيًا. انظر (بن) اهـ من حاشية الأصل.
قوله: [وندبًا على الثاني]: أي ولا غرابة في الندبية والأبدية، فقد قالوه في الصلاة بمعطن الإبل. وهذا على أن الخلاف حقيقي وهو ما يقتضيه التشهير والاستدلال واختلاف التفاريع. ورجحه الأجهوري ومن تبعه ك (عب) وعليه، فما ورد من التعذيب في البول لهذه الأمة محمول على إبقائه بالقصبة بحيث يبطل الوضوء، فإن الاستبراء واجب اتفاقًا ومال (ح) و(ر) إلى أنه لفظي. قالا: وعهدت الإعادة أبدًا وجوبًا لترك السنة على أحد القولين. وبحث فيه شيخنا في مجموعه بأن هذا اعتراف بأنه حقيقي له ثمرة؛ فإن الواجب يبطل تركه اتفاقًا أي لا على أحد القولين. ثم قال: نعم سمعنا أن السنة إذ شهرت [٣] فرضيتها أبطل تركها قطعًا، لكنه يجعل كل خلاف على هذا الوجه لفظيًا، وهو بعيد مضيع لثمرة التشهير أو لصحته. ومما يبعد كونه لفظيًا ما ارتضاه (ر) نفسه من عدم تقييد السنية بالذكر والقدرة، والوجوب مقيد. وقال في الأصل عند قول المصنف "خلاف لفظي"، لاتفاقهما على إعادة الذاكر القادر أبدًا، والعاجز والناسي في الوقت. قاله (ح). ورد بوجوب الإعادة على الوجوب وندبها على السنية، وبأن القائل بأحدهما يرد ما تمسك به الآخر فالخلاف معنوي.
قوله: [وغيره] أي من سائر ما نبه الشارح عليه.
قوله: [فيجب عليه] إلخ: هذا رواية محمد بن المواز. وقال التونسي: ذلك الأكل والشرب لغو فلا يؤمر بتقايؤ ولا بإعادة، وهو ضعيف. إن قلت: حينئذ صارت المعدة نجسة بمجرد الشرب. قلت: إنه عاجز عن تطهير نفس المعدة، فأمرناه بما يقدر عليه من التقيؤ، والظاهر أنه إذا قدر على البعض وجب، لأن تقليل النجاسة واجب اهـ من حاشية الأصل. ومحل وجوب التقايؤ المذكور مدة ما يرى بقاء النجاسة في بطنه يقينًا أو ظنًا لا شكًا؛ فإذا كانت خمرًا وجبت الإعادة مدة ما يظن بقاؤها خمرًا، فإن تحولت للعذرة فهي بمثابتها.
قوله: [قوله فسقوطها عليه] إلخ: أي على المصلي ولو صبيًا أو بالغًا في نفل -مأمومًا أو إمامًا أو فذًا- مبطل لها بالشروط الآتية. ولو جمعة على أحد القولين. وقد تبع المصنف في البطلان خليلًا التابع لابن رشد في المقدمات وفي المدونة. وإن سقطت عليه وهو في صلاة قطعها، والقطع يؤذن بالانعقاد. واختلفوا هل القطع وجوبًا أو استحبابًا؟ انظر (بن).
تنبيه: موت الدابة وحبلها بوسطه كسقوط النجاسة على الظاهر اهـ من حاشية الأصل. وقولنا أو إمامًا: أي ويستخلف؛ فهي من جملة مسائل الاستخلاف. وإن علمها مأموم بإمامه أراه إياها، ولا يمسها. فإن بعد فوق الثلاث صفوف كلمه، ويستخلف الإمام ولا تبطل على المأمومين.
قوله: [أو ذكرها]: أي علم بها فيها، سواء كان ناسيًا لها ابتداء أم لا، لا إن ذكرها قبلها ثم نسيها عند الدخول فيها، واستمر حتى فرغ منها فلا تبطل. ولو تكرر الذكر والنسيان قبلها وإنما يعيد في الوقت اهـ. من الأصل.
قوله: [أولى من ذكر الواو]: أي التي مشى عليها خليل.
قوله: [واجبة]:
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (التفريغ).
[٢] في ط المعارف: (حالة).
[٣] في ط المعارف: (أشهرت).
1 / 27