فصل: في إزالة النجاسة
(تجب إزالة النجاسة عن محمول المصلي وبدنه ومكانه إن ذكر وقدر، وإلا أعاد بوقت): يجب شرطًا إزالة حكم النجاسة بالماء المطلق عن كل محمول المصلي؛ من ثوب أو عمامة أو نعل أو حزام أو منديل أو غير ذلك عن بدنه وعن مكانه، وهو ما تمسه أعضاؤه من قدميه وركبتيه ويديه وجبهته. فلا يضر نجاسة ما تحت صدره وما بين ركبتيه ونحو ذلك ولو تحرك بحركته. ولا ما تحت حصيره ولو اتصل بها كفروة ميتة صلى على صوفها. بخلاف طرف عمامته الملقى بالأرض أو طرف ردائه الملقى وبه نجاسة، فإنه يضر لأنه في حكم المحمول للمصلي. ومحل كونها شرط صحة للصلاة إن ذكر وقدر على إزالتها.
فإن صلى بالنجاسة ناسيًا لها حتى فرغ من صلاته، أو لم يعلم بها حتى فرغ منها فصلاته صحيحة، ويندب له إعادتها في الوقت.
وكذا من عجز عن إزالتها لعدم ماء طهور أو لعدم قدرته على إزالتها به، ولم يجد ثوبًا غير المتنجس، فإنه يصلي بالنجاسة وصلاته صحيحة. ويحرم عليه تأخيرها حتى يخرج الوقت. ويصلي أول الوقت إن علم أو ظن أنه لا يجد ماء ولا ثوبًا آخر في الوقت. وإن ظن القدرة على إزالتها آخر الوقت، أخر لآخره قياسًا على ما سيأتي في التيمم، ثم إنه إن وجد ما يزيلها به في الوقت، أو ثوبًا آخر ندب له الإعادة ما دام الوقت. فإن خرج الوقت فلا إعادة، والوقت في الظهرين للاصفرار، وفي العشاءين لطلوع الفجر، وفي الصبح لطلوع الشمس.
وما مشينا عليه من أن إزالة النجاسة واجبة إن ذكر وقدر هو أحد المشهورين في المذهب. وعليه فإن صلى بها عامدًا قادرًا على إزالتها أعاد صلاته أبدًا وجوبًا لبطلانها. والمشهور الثاني أن إزالتها سنة
ــ
عليها تحلية السيف لأنه من زينة الرجال وجاز لها اتخاذ شريط السرير من حرير، لأنه توسع في الحرير أكثر من النقدين.
فصل:
قوله: [تجب إزالة] إلخ: أي وجوب شرط كما يأتي، وكذا يجب تقليلها كتطهير أحد كميه حيث لم يكفهما الماء. بخلاف ما إذا كانت النجاسة في محل واحد فلا يلزم غسل البعض إن لم يقدر [١] على الكل، لأنه يزيدها انتشارًا كما في (شب) و(ح).
قوله: [المصلي]: المراد به مريد الصلاة، وأما إن لم يردها فلا تجب إزالتها بل تندب إذا لم تكن خمرًا، وأراد بالمصلي ما يشمل الصبي، والخطاب بالنسبة لوليه خطاب تكليف، وبالنسبة له خطاب وضع.
تنبيه: تعمد صلاة النافلة بالنجاسة ممنوع مانع من صحتها، ولا تقضى لأنها لم تجب فأشبه من افتتحها محدثًا كما في الحاشية.
قوله: [وبدنه]: أي ظاهره. ومن ذلك داخل أنفه وأذنه وعينه فهي من الظاهر في طهارة الخبث، ومن الباطن في طهارة الحدث. ولم يجعلوها من الظاهر في طهارة الحدث لمشقة التكرر.
قوله: [إن ذكر وقدر] وهذا هو المشهور من أقوال أربعة الذي انبنت عليه فروع المذهب. والمشهور الثاني: السنية إن ذكر وقدر، وسيأتي في الشارح وهو وإن كان معتمدًا إلا أن فروع المذهب بنيت على الأول. والثالث: الوجوب مطلقًا كطهارة الحدث وهو كمذهب الشافعية والجمهور. والرابع: الندب، لكن هذان القولان ضعيفان في المذهب.
قوله: [عن كل محمول المصلي] إلخ: من ذلك لو وضع حبل سفينة في وسطه وكان بها نجاسة وكان يمكن أن تتحرك بحركته لصغرها. بخلاف مقود الدابة حيث كان طاهرًا فلا يضر حملها للنجاسة، أو ثوب شخص جاء على كتف المصلي مثلًا ما لم يصر محمولًا له.
قوله: [ونحو ذلك]: كموضع السجود للمومئ فلا يشترط طهارته كما في (شب) و(عب). بخلاف حسر عمامته عن جبهته فيشترط للإجماع على ركنية السجود. والاختلاف في إزالة النجاسة، وقال شيخنا في مجموعه: والظاهر اعتبار المس بزائد لا يحس. وقال في الحاشية: الشعر كطرف الثوب، أي لا يضر مسه للنجاسة.
قوله: [ولا ما تحت حصيره]: لما سيأتي في الفوائت في قول خليل: ولمريض ستره نجس بطاهر. قالوا: لا مفهوم لمريض، إنما يشترط انفصال الساتر عن محمول المصلي. فلا يكفي ستر نجاسة المكان ببعض ثوبه اللابس له ولو طال جدًا.
قوله: [لأنه في حكم المحمول]: ومن ذلك إذا كان الوسط على الأرض نجسًا وأخذ كل طرفًا طاهرًا، بطلت عليهما.
قوله: [أو لم يعلم بها]: أي من أول الأمر. فمراده بالناسي من سبق له علم بها، ثم دخل الصلاة ناسيًا ففرق بينهما.
قوله: [في الوقت]: أي إن كان لها وقت تعاد فيه، وإلا فلا تعاد كالفائتة والنفل المطلق إلا ما سيأتي من ركعتي الطواف.
قوله: [على ما سيأتي في التيمم]: في قوله فالآيس أول المختار والمتردد وسطه والراجي آخره، فالمراد بالوقت يؤخر فيه الاختياري وأما الضروري فلا تفصيل فيه بل يقدم ولو كان راجيًا.
قوله: [ما دام الوقت]: أي الآتي في الشارح.
قوله: [للاصفرار]: بإخراج الغاية فيه وفيما بعده وهذا على مذهب المدونة، وبحث فيه بأن القياس أن الظهرين للغروب، والعشاءين للثلث والصبح للإسفار. وفرق بأن الإعادة كالتنفل، فكما لا يتنفل في الاصفرار لا يعاد فيه ويتنفل في الليل كله، والنافلة وإن كرهت بعد الإسفار لمن نام عن ورده إلا أن القول بأنه لا ضروري للصبح قوي اهـ
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] في ط المعارف: (يقدم).
1 / 26