أو حلت به نجاسة لم تغيره، أو ولغ فيه كلب، ومشمس بقطر حار): هذا شروع في المياه المكروهة الاستعمال.
ولا تكون الكراهة إلا في الماء اليسير فيما قبل المشمس.
ــ
غسل ذمية من الحيض ليطأها زوجها - فإنه رفع حدثًا في الجملة - أو غسلة ثانية أو ثالثة، لأنهما من توابع رفع الحدث، حتى قال القرافي ينوي أن الفرض ما أسبغ من الجميع والفضيلة الزائدة، فبالجملة الكل طهارة واحدة، والخبث كالحدث لا نحو رابعة، وغسل ثوب طاهر مما لا يتوقف على طهور يكره استعمال ما ذكر في مثله. اهـ. بالمعنى أي يكره استعماله في حدث ولو غسل ذمية أو غسلة ثانية أو ثالثة أو حكم خبث، وهذا هو المعول عليه. وحاصل الفقه أن صور استعمال الماء المستعمل خمس وعشرون صورة، لأن استعماله أولًا إما في حدث أو حكم خبث، وإما في طهارة مسنونة أو مستحبة، وإما في غسل إناء. وكل من هذه إذا استعمل ثانيًا فلا بد أن يستعمل في أحدها؛ فالمستعمل في حدث أو في حكم خبث يكره استعماله في مثلهما فهذه أربع. وكذا يكره استعماله في الطهارة المسنونة والمستحبة، فهذه أربع أيضًا ولا يكره استعماله في غسل كالإناء، وهاتان صورتان. والمستعمل في الطهارة المسنونة والمستحبة يكره استعماله في رفع الحدث وحكم الخبث. وفي الطهارة المسنونة والمستحبة على أحد الترددين، فهذه ثمانية، لا في غسل كالإناء. فهاتان اثنتان والمستعمل في غسل كالإناء لا يكره استعماله في شيء فهذه خمس اهـ من حاشية الأصل بتصرف.
تنبيه: عللت كراهة الاستعمال بعلل ست.
أولها: لأنه أديت به عبادة.
ثانيها: لأنه رفع به مانع.
ثالثها: لأنه ماء ذنوب.
رابعها: للخلاف في طهوريته.
خامسها: لعدم أمن الأوساخ.
سادسها: لعدم عمل السلف. وأوجه تلك العلل مراعاة الخلاف وهو علة كراهة استعمال الماء القليل الذي حلته نجاسة، وعلة كراهة استعمال الماء الذي ولغ فيه كلب.
مسألة: لو جمعت مياه قليلة مستعملة أو حلتها نجاسة ولم تغيرها فكثرت هل تستمر الكراهة لأن ما ثبت للأجزاء يثبت للكل؟ وهو ما للحطاب. واستظهر ابن عبد السلام نفيها. قيل: وعليه فالظاهر لا تعود الكراهة إن فرق لأنها زالت ولا موجب لعودها، وقد يقال: له موجب وهو القلة، والحكم يدور مع العلة. ويجزم بزوال الكراهة إذا كانت الكثرة بغير مستعمل.
مسألة أخرى: الاستعمال عند أصحابنا بالدلك لا بمجرد إدخال العضو، والظاهر الكراهة في استعماله، وإن لم يتم الوضوء سواء قلنا إن كل عضو يطهر بانفراده أو لا يرتفع الحدث إلا بكمال الأعضاء، خلافًا لما في (عب) من التفصيل. اهـ. بالمعنى من شيخنا في مجموعه. قوله [١]: [أو حلت به] إلخ: حاصل فقه المسألة أن الماء اليسير وهو ما كان قدر آنية الغسل فأقل إذا حلت فيه نجاسة يكره استعماله بقيود ستة:
الأول: أن يكون يسيرًا كما تقدم.
الثاني: أن تكون النجاسة كالقطرة. أي نقطة المطر المتوسطة ففوق.
الثالث: عدم التغيير.
الرابع: أن يوجد غيره.
الخامس: أن يستعمل فيما يتوقف على طهور.
السادس: أن لا يكون له مادة. فإن تغير منع استعماله في العادات والعبادات. وإن اختل [٢] شرط من باقي الشروط فلا كراهة.
قوله: [أو ولغ] إلخ: معطوف على [حلت] وهو بفتح اللام في الماضي والمضارع وحكي كسرها في الماضي؛ أي أدخل لسانه فيه وحركه. فإنه يكره استعماله حيث كان يسيرًا ولم يتغير ووجد غيره، ولو تحققت سلامة فيه من النجاسة، لا إن لم يحرك لسانه، ولا إن سقط منه لعاب في الماء من غير إدخال فلا كراهة. والحاصل أن حكمه حكم الماء الذي حلته نجاسة يكره استعماله فيما يتوقف على طهوره ولا يكره استعماله في العادات.
قوله: [ومشمس]: معطوف على ماء بقطع النظر عن وصفه باليسير، وهو صفة لموصوف محذوف على حذف مضاف تقديره: وكره استعمال ماء مشمس إلخ.
وهذه الكراهة طبية لا شرعية لأنها لا تمنع من إكمال الوضوء أو الغسل، بخلاف ما لو كانت كراهته لشدة حرارته، والفرق بين الكراهتين أن الشرعية يثاب تاركها بخلاف الطبية؛
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] ليست في ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (أخل).
1 / 16