فهي من صفات الأحوال عند من يقول بالحال، أو من الصفات الاعتبارية عند من لا يقول بالحال؛ كالوجود والظهور والشرف والخسة؛ فإنها صفات حكمية، أي اعتبارية يعتبرها العقل. أو أنها أحوال: أي لها ثبوت في نفسها، وليست وجودية كصفات المعاني، ولا سلبية بأن يكون مدلولها سلب شيء كالقدم والبقاء.
وقوله: (يستباح): أي يباح فالسين والتاء للتوكيد. وقوله: (ما): كناية عن فعل أي يباح بها فعل؛ كصلاة وطواف ومس مصحف. (منعه): أي منع منه الحدث الأصغر أو الأكبر، أو منع منه حكم الخبث، والخبث: عين النجاسة.
والمانع من التلبس بالفعل المطلوب: حكمها المترتب عليها عند إصابتها الشيء الطاهر؛ وهو أثرها الحكمي الذي حكم الشرع بأنه مانع. فالطهارة قسمان: طهارة من حدث، وطهارة من خبث، فأو في قوله: (أو حكم الخبث) للتنويع: لا للتشكيك أو الشك فلا يضر ذكرها في الحد.
واعلم أن الحدث لا يقوم إلا بالمكلف.
وهو قسمان: أصغر وأكبر.
فالأصغر يمنع الصلاة والطواف ومس المصحف. ويزيد الأكبر منع الحلول بالمسجد، فإن كان جنابة منع القراءة أيضًا، وإن كان عن حيض أو نفاس منع الوطء.
وأما حكم الخبث فيقوم بكل طاهر من بدن أو ثوب أو مكان أو غيرها. وهو يمنع الصلاة والطواف والمكث في المسجد. ثم إن أريد بالمانع ما يشمل التحريم والكراهة، شمل التعريف الأرضية، والاغتسالات المندوبة والمسنونة. كما يشمل طهارة الذمية ليطأها زوجها المسلم. ولا يرد الوضوء المجدد لأنه ليس فيه تحصيل طهارة، وإنما فيه تقوية الطهارة الحاصلة، فقد علمت أن تعريفنا الطهارة أخصر وأوضح وأشمل من تعريف ابن عرفة المشهور.
(ويرفع: بالمطلق): ضمير يرفع يعود على الحدث وحكم الخبث، وأفرده لأن العطف بأو. والحدث وصف تقديري قائم بالبدن أو بأعضاء الوضوء.
وقوله: (يرفع): أي يرتفع ويزول برفع الله له بسبب استعمال الماء المطلق على الوجه المعروف شرعًا الآتي بيانه من غسل أو مسح أو رش.
ــ
تبعًا للشرع، لأن المدار عليه.
قوله: [فهي من صفات الأحوال] إلخ: وهي على هذا القول صفة ثبوتية لا توصف بالوجود بحيث يصح أن ترى، ولا بالعدم بحيث لا تدرك إلا في التعقل، بل هي واسطة بين الوصف الوجودي والاعتباري.
قوله: [أو من الصفات الاعتبارية] إلخ: هذا هو الحق. لأن الحق أن لا حال. والحال محال، كما هو مبين في علم الكلام.
قوله: [كالوجود] إلخ: هذه الأمثلة لما فيه الخلاف.
قوله: [فإنها صفات حكمية] إلخ: توضيح للخلاف الذي ذكره أولًا.
قوله: [للتوكيد]: أي زائدتان للتوكيد وليستا للطلب.
قوله: [فعل كصلاة]: يصح قراءته بالإضافة والتنوين.
قوله: [أي منع منه]: إشارة إلى أن في كلام المصنف حذفًا وإيصالًا، أي حذف الجار، وإيصال الضمير.
قوله: [عين النجاسة]: أي وهو يزال بكل قلاع فلا تحصل بإزالته الطهارة الشرعية إلا في مسائل، كالاستجمار ونحوه.
قوله: [فلا يضر ذكرها في الحد]: أي التعريف، لأن المضر أو التي للشك أو التشكيك وهي التي قال فيها صاحب السلم:
ولا يجوز في الحدود ذكر أو ... وجائز في الرسم فادر ما رووا
قوله: [واعلم] إلخ: إنما قال ذلك لأن التعريف للماهية وهي مجملة، فلم يكتف به وذكر هذا الحاصل للإيضاح.
قوله: [إلا بالمكلف]: هذا الحصر مشكل، لأن المكلف هو البالغ العاقل إلخ. فيقتضي أن الصبي المميز لا يقوم به الحدث، وليس كذلك. ويجاب بأن المراد بالمكلف: ما يشمل المكلف بالمندوب والمكروه فقط فيدخل المميز. وأورد أيضًا أنه يقتضي أن المجنون والنائم لا يقوم بهما الحدث، مع أنه ليس كذلك. وأجيب بأن المراد بالحدث هو الذي يتأتى رفعه. لأن المجنون حال جنونه، والنائم حال نومه لا يخاطبان برفعه، وإنما الذي يخاطب به المكلف.
قوله: [وإن كان عن حيض] إلخ: أي وإن كان الأكبر ناشئًا عن حيض أو نفاس منع الوطء، أي لا القراءة مدة سيلان الدم، وأما بعد انقطاعه وقبل الغسل فتمنع القراءة لقدرتها على إزالة مانعها. انتهى تقرير الشارح.
قوله: [الأرضية والاغتسالات] إلخ: كالوضوء لزيارة الأولياء، وللدخول على السلطان، ووضوء الجنب للنوم، وغسل الحائض والنفساء للإحرام والوقوف. فإن هذه الأمور منعها الحدث منع كراهة والوضوء والغسل أباحها. وأما غسل الجمعة والعيدين للمتوضئ فلم يستبح بهما ما منعه الحدث، بل هما خارجان من التعريف كالوضوء المجدد.
قوله: [ويرفع بالمطلق]: أي لا غيره لأن التراب وإن رفع الحدث لا يرفع الخبث، والنار والدباغ وإن رفعا الخبث لا يرفعان الحدث كما تقدم.
قوله: [والحدث وصف تقديري] إلخ: وقد يطلق على نفس المنع سواء تعلق بجميع الأعضاء كالجنابة، أو ببعضها كحدث الوضوء، لكن تسمية المنع حدثًا فيه بشاعة لأنه حكم الله فلا يليق أن يسمى بذلك، ورفعه بهذا المعنى باعتبار تعلقه بالأشخاص فيرجع لمعنى الصفة الحكمية؛ وأما باعتبار قيامه بالله فهو واجب الوجود فلا يتصور ارتفاعه، ويطلق في مبحث الوضوء على الخارج المعتاد من المخرج المعتاد، وفي مبحث قضاء الحاجة على خروج الخارج فله إطلاقات أربع كما علمت.
قوله: [أي يرتفع ويزول برفع الله]: أي يحكم الله بالرفع.
قوله: [من غسل]: أي في طهارة حدث أو خبث.
قوله: [أو مسح]: أي في حدث.
قوله: [أو رش]: أي في إزالة النجاسة
1 / 12