وأقسامها، وأحكامها، والطاهر، والنجس. وما يتعلق بذلك [١] ويسمى كتاب الطهارة.
وبدأ بالكلام على الطهارة. وما تتحصل به من الماء المطلق، وما يتعلق به الأحكام.
فقال: (الطهارة صفة حكمية يستباح بها ما منعه الحدث أو حكم الخبث).
أقول: الطهارة القائمة بالشيء الطاهر صفة حكمية؛ أي يحكم العقل بثبوتها وحصولها في نفسها
ــ
وابتدأ بالكلام على الطهارة لأنها مفتاح الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين. والكلام في الشرط مقدم على المشروط. وقدم ما يكون به الطهارة وهو - الماء في الغالب - لأنه إن لم: يوجد هو ولا بدله، لا توجد الطهارة؛ فهو كالآلة. واستدعى الكلام فيه الكلام على الأعيان الطاهرة والنجسة لكي يعلم ما ينجس الذي يكون به الطهارة، وما لا ينجسه وما يمنع التلبس به من التقرب بالصلاة وما في حكمها، وما لا يمنع من ذلك وهذه طريقة أكثر أهل المذهب. واعلم أنه قد جرت عادتهم في هذا الباب أن يتعرضوا لبيان حقائق سبعة، وهي: الطهارة والنجاسة والطاهر والنجس والطهورية والتطهير والتنجيس، واقتصر المصنف على تعريف الطهارة. ولنذكر لك الباقي على طبق تعريف المصنف الآتي.
فتعريف النجاسة: صفة حكمية يمتنع بها ما استبيح بطهارة الخبث. والطاهر الموصوف بصفة حكمية يستباح بها ما منه [٢] الحدث أو حكم الخبث. والنجس -بكسر الجيم- المتنجس: هو الموصوف بصفة حكمية يمتنع بها ما أبيح بطهارة الخبث. وأما بفتحها: فهو عين النجاسة، وتقدم تعريفها. والطهورية بفتح الطاء: صفة حكمية يزال بما قامت به الحدث وحكم الخبث. وهذا الوصف لا يطرد إلا في الماء المطلق.
والتطهير: إزالة النجاسة أو رفع الحدث.
والتنجيس: تصيير الطاهر نجسًا.
وقوله: [وأقسامها]: قال الأصل الطهارة قسمان: حدثية وخبثية، والأولى مائية وترابية، والمائية لغسل [٣] ومسح أصلي أو بدلي. والبدلي اختياري أو اضطراري.
والترابية بمسح فقط، والخبثية أيضًا مائية وغير مائية، والمائية بغسل ونضح، وغير المائية بدابغ في كيمخت فقط، ونار على الراجح فيهما. إذا علمت ذلك فقولهم: الرافع هو المطلق لا غيره، فيه نظر بناء على الراجح. وعلى التحقيق من أن التيمم يرفع الحدث رفعًا مقيدًا، والقول بأنه لا يرفعه وإنما يبيح الصلاة لا وجه له، إذ كيف تجتمع الإباحة مع المنع أو الوصف المانع؟ نعم الأمران معًا - أي الحدث وحكم الخبث - لا يرفعهما إلا الماء المطلق، وأما غيره فلا يرفعهما معًا لأن التراب إنما يرفع الحدث فقط والدباغ والنار إنما يرفعان حكم الخبث فقط.
قوله: (وأحكامها): وهي الوجوب إذا توقفت صحة العبادة عليها أو الندب أو السنية إن لم تتوقف.
قوله: [والطاهر]: سيأتي في قوله: الطاهر ميتة ما لا دم له والحي ودمعه إلخ.
وقوله: [النجس]: بينه أيضًا في باب الطاهر وفي باب إزالة النجاسة.
قوله: [وما يتعلق بذلك]: اسم الإشارة عائد على الطهارة وما بعدها، وأفرد باعتبار ما ذكر.
قوله: [ويسمى كتاب الطهارة]: أي كما يسمى بباب الطهارة وهي تسمية قديمة.
قال في الحاشية: قال ابن محمود شارح أبي داود: قد استعملت هذه اللفظة زمن التابعين، يعني لفظة باب، قال في الحاشية أيضًا وانظر لفظة كتاب، قال شيخنا في مجموعه وانظر لفظة فصل.
قوله: [الطهارة]: هذا شروع في معناها اصطلاحًا. وأما معناها لغة فهي النظافة من الأوساخ الحسية والمعنوية كالمعاصي الظاهرة والباطنة. قال في حاشية الأصل: والحاصل أن الطهارة من التحقيق كما اختاره ابن راشد، وتبعه العلامة الرصاع والتتائي على الجلاب والشبرخيتي وشيخنا في حاشيته، موضوعة للقدر المشترك وهو الخلوص من الأوساخ أعم من كونها حسية أو معنوية خلافًا لما قاله (ح) من أنها موضوعة للنظافة من الأوساخ، بقيد كونها حسية، وأن استعمالها في النظافة من الأوساخ المعنوية مجاز، ويدل للأول قوله تعالى: ﴿ويطهركم تطهيرا﴾ [الأحزاب: ٣٣]، والمجاز لا يؤكد إلا شذوذًا كما صرح به العلامة السنوسي في شرح الكبرى وغيره عند قوله تعالى: ﴿وكلم الله موسى تكليما﴾ [النساء: ١٦٤].
قوله: [صفة]: دخل تحتها أقسام الصفات الثلاثة: المعاني والمعنوية والسلبية، فلذلك أخرج المعاني والسلبية بقوله حكمية.
قوله: [بالشيء الطاهر]: أي حيوانًا أو جمادًا كان الحيوان عاقلًا أو لا.
قوله: [يحكم العقل]
_________
[قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة]
[١] قوله: (وما يتعلق بذلك) ساقط من ط المعارف.
[٢] في ط المعارف: (منعه)، ولعله الصواب.
[٣] في ط المعارف: (بغسل).
1 / 11