وقال: قوموا وعلاه سواد
ثم بعث معنا رسولا إلى ملك الروم، فلما دنونا من مدينته قال الذين معنا: إن دوابنا هذه لا تدخل مدينة الملك، وكنا على رواحل فإن شئتم حملناكم على براذين وبغال، قلنا: لا والله لا ندخل إلا عليها، فأرسلوا إلى الملك أنهم يأبون، فأرسل أن خلوا عنهم، فدخلنا معتمين علينا السيوف على الرواحل، وإذا غرفة مفتوحة ينظر منها إلينا، وأقبلنا حتى أنخنا تحت الغرفة، قلنا:
لا إله إلا الله والله أكبر، قال: والله يعلم لقد انتفضت الغرفة حتى كأنها عذق سعفة ضربها الريح، وأرسل أنه ليس لكم أن تجهروا بدينكم على بابي، فأرسل أن ادخلوا فدخلنا، فإذا عليه ثياب حمر، وإذا كل شيء عنده أحمر، والبطارقة حوله فدنونا منه، فإذا هو يفصح العربية، فقال لنا وضحك: ما منعكم أن تحيوني بتحية نبيكم؟ فإن ذلك أجمل بكم، قلنا: تحيتنا لا تحل لك، وتحيتك التي تحيا بها لا تحل لنا. قال: وما هي؟ قلنا السلام عليك. قال: فما تحيون ملككم؟ قلنا: بهذا نحييه. قال: فكيف يرد عليكم؟ قلنا: كما نقول له. قال: أفما يرثكم؟ قلنا: لا إنما يرث منا الأقرب فالأقرب. قال: وكذلك ملككم؟ قلنا: نعم. قال: فما صومكم وصلاتكم؟ فوصفنا له. قال: فما أعظم كلامكم؟ قلنا: لا إله إلا الله والله أكبر، فالله يعلم أنه انتفض سقفه حتى ظن هو وأصحابه أن سيسقط عليهم، ثم قال: هذه الكلمة هي التي نفضت الغرفة؟ قلنا: نعم. قال: وكلما قلتموها نفضت سقوفكم؟ قلنا : لا. قال: فإذا قلتموها في بلاد عدوكم تفعل ذلك؟ قلنا: لا، قلنا: وما رأيناها صنعت ذلك إلا عندك. قال: ما أحسن الصدق، أما أني وددت أني خرجت إليكم من نصف ملكي، وأنكم كلما قلتموها ينفض كل شيء. قلنا:
ولم ذاك؟ قال: كان ذاك أيسر لشأنها وأجدر ألا يكون نبوة، وأن يكون من حيلة الناس. قال: فما كلمتكم التي تقولون لا إله إلا الله ليس معه غيره. قلنا: نعم.
قال: والله أكبر أكبر من كل شيء؟ قلنا: نعم. ثم سألنا سؤالا شافيا وخرجنا من عنده، وقد أمر لنا بمنزل حسن، ونزل كثير فمكثنا ثلاثا، ثم أرسل إلينا ليلا فدخلنا عليه، فإذا ليس عنده أحد فاستعادنا القول، فأعدنا عليه، ودعا بشيء كهيئة الربعة العظيمة مذهبة فيها بيوت صغار، عليها أبواب، ففتح بيتا فأخرج منه خرقة سوداء
Página 187