الحديث وتمحيصه ، وما رواه بعد ذلك من أنه ألفى الأحاديث المتداولة تربي على ستمائة ألف حديث لم يصح منها أكثر من أربعة آلاف. وهذا معناه أنه لم يصح لديه من كل مائة وخمسين حديثا إلاحديث واحد.
أما أبو داود فلم يصح لديه من خمسمائة ألف حديث غير أربعة آلاف وثمانمائة ، وكذلك كان شأن سائر الذين جمعوا الحديث. وكثير من هذه الأحاديث التي صحت عندهم كانت موضع نقد وتمحيص عند غيرهم من العلماء ، انتهى بهم إلى نفي كثير منها ، كما كان الشأن في مسألة الغرانيق. فإذا كان ذلك شأن الحديث ، وقد جهد فيه جامعوه الأولون ما جهدوا ، فما بالك بما ورد في المتأخر من كتب السيرة ؟ وكيف يستطاع الأخذ به دون التدقيق العلمي في تمحيصه.
والواقع أن المنازعات السياسية التي حدثت بعد الصدر الأول من الإسلام أدت إلى اختلاق كثير من الروايات والأحاديث تأييدا لها. فلم يكن الحديث قد دون إلى عهد متأخر من عصر الأمويين. وقد أمر عمر بن عبد العزيز بجمعه ، ثم لم يجمع إلا في عهد المأمون ، بعد أن أصبح « الحديث الصحيح في الحديث الكذب ، كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود » على قول الدارقطني. (1)
2 وهناك كلمة أخرى للعلامة الأميني قال : « ويعرب عن كثرة الموضوعات اختيار أئمة الحديث أخبار تأليفهم الصحاح والمسانيد من أحاديث كثيرة هائلة ، والصفح عن ذلك الهوش الهائش. قد أتى أبو داود في سننه بأربعة آلاف وثمانمائة حديث وقال : انتخبته من خمسمائة ألف حديث. (2)
ويحتوي صحيح البخاري من الخالص بلا تكرار ألفي حديث وسبعمائة وواحدا وستين حديثا اختارها من زهاء ستمائة ألف حديث. (3)
وفي صحيح مسلم أربعة
Página 75