وتبدأ بلوم ذلك العملاق المكرم على إلحاده لوما صريحا، وإن بدا دليلا لها، ومن المحتمل أن أغضت عن ذلك ذات حين، فقد كتبت ماري تقول لها: «إن مخالفتك لم تزعجه بالحقيقة، فهو يحب الصراحة، وهو سيغير آراءه كما تخبرين، وهو يفكر وفق ذلك في سويداء في فؤاده، ولكن من يكون ذا مزاج مثل مزاجه لا يكافح في سبيل النور بسرعة ولا بسهولة، فيظل ذلك مكنونا فلا يبدو لعيون الناس إلا بعد زمن طويل.»
وتصيب ماري المحز في وصفها ذلك، وهي تشبهه بنهر جامد، فلا يذوب إلا مؤخرا وبشدة، وهي تبصر فيها طبيعة غامضة، وهي تحفزه حفزا رمزيا إلى ولاية في الأسداد، وهو يرغب في سماع اختلاج نهر الإلبة في الربيع، وهو يود أن يلاحظ المجرى العظيم حين ذوبان الجليد، وهو يحب أن يوجه مياهه كما يحب أن يوجه الحركات السياسية العنيفة، وكما يحب أن يوجه نفسه.
ويغادر بسمارك بوميرانية إلى شواطئ الإلبة، فيكون ذلك أكثر من رحلة؛ فقد مات الشيخ فرديناند في نهاية الأمر على الرغم من خمر شيري ورحيق بورتو، ويضطلع ابنه الأصغر بملك شونهاوزن في وادي الإلبة، ويؤجر كنيبهوف، وفي كنيبهوف قد ترعرع، وكنيبهوف هو المكان الذي تصرف فيه آل بسمارك وأداروه وحدهم منذ قرون، فكان له بتلك الإجارة ألم وندم، واسمع ما يقول:
كان يسود جميع المروج والمياه وشجر البلوط المجرد غم ناعم عندما ودعت، وقت الغروب، وبعد كثير من الأشاغيل، تلك الأماكن العزيزة، حيث كنت أسبح في بحر من الرؤى والحسرة في الغالب، وهنالك حيث كنت راغبا في شيد منزل جديد أبصرت هيكلا عظميا فعرفت أنه لجوادي الوفي كالب الذي امتطيت صهوته مدة سبع سنين مسرورا ومحزونا، نشيطا ومتثاقلا، قاطعا فراسخ وفراسخ، وقد فكرت في الخلنج
7
والحقول وفي البحيرات والبيوت وساكنيها الذين كنا نتعداهم حين العدو فتمثلت لي حياتي منذ صباي وقتما كنت ألعب في ذلك المحل نفسه.
وكان ماء السماء ينزل رذاذا
8
على النجم
9
Página desconocida