آل بسمارك منذ قرون. وإليك بعض ما في كتبه من كلمات جديرة بالقيد:
اليوم عيد ميلاد أوتو، وفي هذه الليلة فزر كبش جميل لنا، يا له من جو كريه! ... يبدو لي أن خمر مدوك والرين غير مؤثرة في بدرجة الكفاية، فتراني أتعاطى رحيق
13
بورتو وشيري طامعا في شيء من التحسن، ولا أحرم نفسي قوي القهوة (غير مغض عن المحار
14
والكبد الدسم ... إلخ)، وعلى ما أتعاطاه من هذه الأدوية الصالحة تبصرني أكتلي،
15
فليس من الحسن أن يشيب الإنسان.
وهو حين كان في الخامسة والثلاثين من سنيه قد تزوج فتاة في السنة السابعة عشرة من عمرها فتتصف هذه الفتاة بالملاحة مع طول أنف وذكاء عين وحدة ملامح ونفوذ نظر؛ أي بما يدل هذا الخطيب على ما في طبيعة هذه الخطيبة من عناصر مختلفة عما عنده، ومن جبلة هذه المخطوبة اعتدال العقل وشدة الحرص، وقد كان أجدادها - ويدعون بآل منكن - أساتذة حقوق وتاريخ مدة قرن فنقلوا هذه الخلال إلى أبيها فكان فرعا لتلك الدوحة الإنسانية، وفي عهد فردريك كان منكن مستشارا للقصر فرئيسا للعدل، ثم خسر حظوته في سنة 1792 أيام غضب ذلك الملك على والد بسمارك، وما كان منكن ليعود إلى خدمة مولاه الثالث إلا في سنة 1800، فهنالك وجه سهام النقد إلى جبروت فردريك الكبير مطالبا مولاه بأن يقيد سلطانه بنفسه، مصرا على أن تكون المسئولية من نصيب الوزراء، منتحلا شأن المصلح كالبارون فون شتاين الذي امتدح منكن بأنه حر صميمي، ومن أبيها هذا ورثت أم بسمارك ذكاءها وبصرها بالأمور، فكان الصواب شعارها وكانت تحب حياة المدن والنفائس والبلاط على خلاف زوجها، وزوجها هذا كان راغبا في العيش والعزلة، وزوجته هذه كانت راغبة في الظهور وفي أن تعد شيئا مذكورا.
وعن أمه تلك ورث أوتوفون بسمارك حكمته وذكاءه واعتداله مع حب السيطرة الجم الذي لم يحرك ساكن أحد من آله قبله، وعن أبيه ذلك ورث أوتوفون بسمارك مزاجه وخلقه، فما انتقل إليه من ناحية أبيه ومن ناحية أمه جاء مصدقا لنظرية شوبنهاور.
Página desconocida