Bismarck: Una Vida de Lucha

Cadil Zucaytar d. 1377 AH
167

Bismarck: Una Vida de Lucha

بسمارك: حياة مكافح

Géneros

ويدخل بسمارك غرفته من غير أن يراه أحد، ويفحص ثيابه قبل كل شيء، ويرسل إلى الملك تقريرا مختصرا، ثم يدخل البهو ويقبل جبين زوجه ويقول لها: «لا تجزعي، يا عزيزتي؛ فقد أطلق شخص نارا علي فلم أصب بأذى والحمد لله.» وحول المائدة يقص الخبر كما لو كان حادث قنص، «وإني لما كان من سابق عهدي بالصيد قلت في نفسي: لا بد من أن أكون قد أصبت بالطلقتين الأخيرتين، وإنني قد هلكت بهما، ولكنني استطعت أن أسير إلى البيت ماشيا، وفي البيت فحصت الأمر فوجدت ثقوبا في معطفي وسترتي وصدرتي وقميصي، ووجدت القذيفة قد زلقت على ثيابي التحتانية الحريرية من غير أن تخدش الجلد، وشعرت بألم في ضلعي نتيجة للإصابة، ولكن هذا لم يلبث أن زال. ومما يقع في أثناء صيد الفرائس الكبرى أن تلتوي إحدى الأضلاع التواء لينا نتيجة لصدى صدمة الإصابة، ويعرف هذا بزوال الشعر من ذلك المكان، وأفترض انحناء ضلعي بمثل ذلك الفعل، ومن المحتمل أيضا ألا يكون للطلقات جميع قوتها لما كان من استناد فوهة المسدس على معطفي رأسا.»

يسرد بسمارك هذه القصة بهدوء العالم الطبيعي، وذلك من غير أن يفسر إنقاذه لنفسه ببسالته الفائقة وبالوجه الذي هجم به على المعتدي، وبسمارك قد أمسك رقبة المعتدي بما فطر عليه من البأس فأمكنه في تلك الساعة أن يرفع قدح راحه برصانة، ولم يلبث الملك أن حضر فعانق وزيره، ثم أظهر الأمراء مختلف العواطف، ثم تجمع جمهور غير قليل أمام البيت، فخرج بسمارك وزوجه إلى الشرفة، وبسمارك هو الذي كان أبغض رجل إلى الناس في جميع بروسية فلم يهتف له جمهور فيما مضى، وبسمارك لما كان من إطلاق ديمقراطي النار عليه في هذا النهار فلم يصبه؛ حياه الديمقراطيون، وبسمارك ينطق بكلمات قليلة ويهتف بحياة الملك، والجاني ينتحر في اليوم التالي بالسجن، والجاني يسمى كوهين بلند، وهو يهودي من طلاب جامعة توبنجن، وهو نصف إنكليزي مولدا فأراد أن يقتل عدو الشعب فيحول دون شهر الحرب، ولا مراء في أن بسمارك أسف على أن الانتقام فاته.

ولو كانت بنية هذا الرجل من فولاذ ، ولو كانت بنية هذا الرجل غير مرنة كروحه، فخر صريعا لأمكن اشتداد الكفاح بين بروسية والنمسة لزمن ولأمكن عدم اشتعال الحرب الألمانية؛ وذلك لأن هذه الحرب ليست حرب شعب، ولا حرب وزارة أيضا، بل هي حرب وزير قطر الوزارة والملك والقادة وراءه، ولو أقعده المرض عن العمل في تلك الأسابيع «لأسفر هذا عن خسران البروسيين لمعركة كولين مرة ثانية»، كما قال رون.

وعند كودل أن بسمارك بعد محاولة قتله «شعر بأنه وسيلة الله المختارة وإن لم يصرح بذلك»، وكودل هذا كان مراقبا ثاقبا فيرى الوزير يوما بعد يوم، فلا نشك في شهادته، وبسمارك قد حاق به خطر قاتل قبيل حربه ووقتما كان لا يعرف كيف تنتهي، وبسمارك قد نجا من هذا الخطر بما يراه معجزا، وتقف واقعية بسمارك ذات حين، ويخيل إليه أن يد الله تعمل.

الفصل التاسع

والفاصلة بين إطلاق المثالي لناره وقذيفة الواقعي على إخوانه من الألمان خمسة أسابيع، «والتعويض»، هذا ما صاحت به باريس حتى قبل أن يتحرك الجيش الألماني، ويخامر فؤاد نابليون الثالث ندم على سياسته تجاه حملات تيار العنيفة، ويمكن أنه ظل مؤمنا بالوعد الزائف الذي نقله الإيطالي إليه من بسمارك، «ولو نيط بي الأمر لوددت - على ما يحتمل - أن أخون بعض الخيانة وصولا إلى غاية جميلة فأقطع فرنسة جزءا من بلاد الرين ومن جنوب الموزيل ما دمت بروسيا أكثر من أن أكون ألمانيا، ولكن الملك لا يأذن لي في ذلك كما ترون»، وفي تلك الأسابيع يمزح بسمارك فيشبه نفسه بمروض الأسود ويشبه نابليون الثالث بالإنكليزي «الذي يقف أمام قفص الأسود في كل مساء منتظرا بدم بارد حل الوقت الذي تفترس فيه هذه الوحوش مروضها.»

وتمضي سنتان أو ثلاث سنوات فيدهش الملك من كشف تم فيؤكد له بسمارك دقته «حتى عند ظهور سياستي غير ملائمة لهم، والواقع أنني لا أستطيع أن أحبط سياسة نابليون إلا بإسماعي بنيديتي والطلاينة استعدادي للابتعاد عن سبيل الفضيلة، وعكس هذا وضعي تجاه مولاي الرءوف الذي لا بد له من كبير وقت لإقناعه، وتعرفون - يا صاحب الجلالة - أنني لم أحاول صنع شيء من ذلك، ولكن مما يفيدنا أن نحمل الفرنسيين على اعتقادهم محاولتي ذلك».

وفي تلك الأسابيع الأخيرة يحاول كل إنسان أن يحمل الملك على الإعراض عن بسمارك، وتتراكم لدى الملك كتب التحذير من قبل أمناء سره السابقين، ويتطرف بتمان هولويغ، وهو الذي أبدى حفيده لحفيد الملك مثل نصحه ذات يوم قادم، فيجادل حتى في صدق بروسية بسمارك، فيقول: «يتعذر كل تفاهم ما بقي هذا الرجل بجانب جلالتكم، وما ظل موضع ثقة جلالتكم، وما غدت جميع الدول غير واثقة بجلالتكم نتيجة لأفعاله، أوشكت الساعة أن تدق، فإذا ما ألقي بزهر النرد فات الوقت.» وما كان كاتب ذلك الكتاب ليعرف أن الساعة دقت، وما كان الملك ليعرف أنه منساق، والواقع أن النمسويين عندما دعوا أعيان هولشتاين في أول يونيو استطاع بسمارك أن يتهمهم بأنهم نقضوا العهد وأن يثير بذلك غضب الملك ولهلم! ويقول هذا الملك لأمير من أمراء الكنيسة أتى ليحذره: «إن النمسة تتذرع دوما بالغدر والكذب والخداع، ودعوت الله أن يوفقني لما يريد، ووضعت شرف بروسية نصب عيني، وسرت وفق ضميري!» والحق أن هذا الملك الطيب يعتقد ما يقول، على حين يستلهم بتمان هولويغ إله الألمان ذلك، فينتهي إلى أن الشرف الألماني لوث، وعلى حين يستلهم رجال شواطئ الدانوب ذلك الإله بشعائر مختلفة عن شعائر أولئك قليلا داعين إياه أن يحفظ شرف آل هابسبرغ.

حتى إن بسمارك - الذي أعياه العمل - يستفتح الكتاب المقدس فيقع بصره على المزمور التاسع حيث يقرأ: «أفرح وأبتهج بك، أرنم لاسمك أيها العلي، عند رجوع أعدائي إلى خلف يسقطون ويهلكون من أمام وجهك؛ لأنك أقمت حقي ودعواي، جلست على الكرسي قاضيا عادلا»، ولم تكن حنة لتدهش من شعور زوجها بهذه الكلمات، ب «سكينة في فؤاده فيمتلئ أملا».

حتى إن كودل الذي روى ذلك لم يسأل في نفسه - كما يلوح - عن سير منسدورف في بلهوسبلاتز وعن سير بوست فوق رصيف بروهلشن على ذلك المنهاج، فيفتحان تلك الصفحة من التوراة ويفسران تلك الكلمة بما يعتقدان به أن الله معهما.

Página desconocida