Bismarck: Una Vida de Lucha

Cadil Zucaytar d. 1377 AH
125

Bismarck: Una Vida de Lucha

بسمارك: حياة مكافح

Géneros

ثم يأمر الوصي على العرش شلينتز بالكلام فيذكره شلينتز بوصية أبيه التي هي «حبل لا يفتأ يهز فؤاده» والتي وضعت ضد باريس ولمصلحة آل هابسبرغ، ويختم شلينتز كلامه فينطق ولهلم من فوره بخطبته المعدة مقدما - كما هو واضح - والقائلة إنه ينحاز إلى هذه التقاليد القديمة، ثم يفض الجلسة، وأوغوستا هي التي رسمت تلك الرواية، وذلك لإطلاعها الرجعيين على خطر المناوبات، ويرى بسمارك أن أوغوستا لم تكن آنئذ متأثرة كثيرا بالمقاصد الإيجابية تأثرها بنفورها من روسية، ومن نابليون الثالث، «وبنفورها مني؛ لاستقلالي في الرأي ولرفضي - في غير مرة - أن أقدم أفكار هذه الأميرة إلى زوجها على أنها خاصة بي».

وليست أوغوستا وحدها هي التي أقصته عن السلطة في سنة 1860، بل نشأ هذا عن برنامجه الألماني قبل كل شيء. ومما أسفرت عنه الحرب في السنة الماضية أن ثارت المشاعر القومية بين الأحرار كما ثارت بين أبطال مبدأ سنة 1848، فتبصر عدة خطب ومهرجانات وإخاءات كما في تلك السنة الثورية، ويريد المتقدمون من رجال الدولة أن يعقد حلف مع النمسة في مقابل السيادة على ألمانية؛ أي ما يؤدي إلى بقاء الجامعة الألمانية، ويريد بسمارك أن ينسف هذه الجامعة لعده إياها «عاهة لا تشفى بغير الحديد والنار، عاجلا كان ذلك أو آجلا، فلنتخذ العلاج الشافي في الوقت المناسب.» وهكذا يكتب السفير إلى رئيس الوزراء، بالأبيض والأسود «مع الحديد والنار»، وهكذا لا يرى السفير إمكان بناء ألمانية الموحدة بغير هذه الوسيلة، ويضيف السفير إلى ذلك قوله: «لا أود أن أشاهد كلمة ألمانية مكتوبة على علمنا بدلا من كلمة بروسية ما لم يغد اتحادنا مع بقية البلد أوثق وأفيد، ويضيع ذلك فتونه إذا ما انتحلناه قبل الأوان.»

وما كان من انفصال بسمارك التام عن أنصار العروش الشرعية فقد أوجب فصله عن الوصي على العرش، وفي ذلك الحين يرسل سرا كتاب وداع إلى غرلاخ الفاقد لسلطانه فيعرب فيه عن الحقيقة كما يراها بقوله: «إن فرنسة هي فرنسة سواء أكان على رأسها نابليون الثالث أم سان لويس. والخلاف إذا ما نظر إليه من حيث السياسة وجد عظيم القيمة، والأمر إذا ما نظر إليه من حيث الحق لم يكن له أدنى معنى. ولا أشعر بتبعة تجاه الأوضاع الأجنبية، ولكنك إذا ما فرقت بين الحق والثورة، وبين النصرانية والزندقة، وبين الرب والشيطان لم أسطع مناقشة الأمر معك، ولا أصنع سوى قولي: لا أشاطرك رأيك؛ فأنت تحكم في أمر موجود في، وفي أمر ليس لك أن تقضي فيه. أريد ضرب فرنسة حتى تلغ

5

الكلاب في الدم ، ولا أفعل ذلك بشعور من العداء الشخصي أكثر مما أفعل لو غزوت الكروات والبوهيميين واليسوعيين المبشرين والبنبرغيين الفلاحين.»

وما كان بسمارك ليتخذ هذه اللهجة عندما كان غرلاخ صديقا للملك، والآن حين أهمل الوصي على العرش غرلاخ، وحين زادت واقعية بسمارك الدولية؛ تبصر بسمارك يفصح عما في ذهنه بحرية إلى ذلك الرجل السياسي الذي ذهب سلطانه، وبسمارك ينسى غرلاخ على عجل باحثا عن سواه مع ذلك، وتشتد الأزمات وتقع تباعا ويرجع بسمارك إلى سان بطرسبرغ، ويرقب الحوادث عن بعد قانطا مرة أخرى، هائجا محموما، مازحا محللا مركبا، وإليك كيف يصفه رفيقه اليومي شلوزر في خريف تلك السنة:

ترى آمري الباشا في دور من الهيجان رهيب؛ فما كان من إقامته ببرلين وما أصيبت به برلين من ارتباك واضطراب؛ فقد جعل دمه يفور مرة أخرى، ويظهر أنه يشعر بأن دوره دنا، ويوشك شلينتز أن يعتزل منصبه، ويأمل الباشا أن يتقدم، والمسألة هي: هل يلائم بروسية؟ وهل تلائمه بروسية؟ فيا لانسياب تلك الروح البركانية في مثل تلك الأحوال الضيقة المحدودة! هم لا يحبونه، وهم يسيرون كأنه غير موجود؛ ولذا تبصره يمثل دوره السياسي الخاص، هو لا يقوم هنا بما يسمى تدبير الدار، هو يألم من ارتفاع الأثمان على الدوام، هو يقابل قليلا من الناس، هو لا ينهض قبل الساعة الحادية عشرة أو قبل الظهر، هو يظل في المنزل لابسا بذلته الخضراء، هو لا يمارس الرياضة البدنية، هو يكثر من معاقرة

6

الخمر، هو يلعن النمسة. هو يقص علي أمورا كثيرة، فيبدو صريحا ممتعا مندفعا ثوريا مزدريا لكل نظرية، تمثله في ولهلمستراس! تصور ألف رعد! ويقول حديثا: ليصبح شلينتز مديرا لأملاك البلاط، وليخترني الملك، أو ليختر برنستورف أو بورتاليس وزيرا للخارجية. هذا ما قاله الباشا حرفيا، والباشا يحلم بتلك الوزارة ليل نهار!

ويظهر كالنمر المتأهب للوثوب فلا يمنعه من فريسته سوى القضبان، ويغدو غير مكترث لألهياته الماضية، ولا يرى أحدا، ولا يخرج للصيد، ولا يحصر ذهنه في غير السؤال الكبير: «متى أقبض على زمام السلطة؟» ذلك هو بسمارك الحقيقي، ذلك هو بسمارك الخالص أكثر من بسمارك في كتبه إلى زوجه حيث يمثل دور النصراني المعذب.

Página desconocida