الصبيان والبنات في فرح ومسرة بما يرون حولهم من مظاهر النشاط، لا يكادون يدرون بما ينتظرهم من أيام القلق والهم والوحشة ...
الأيامى والأرامل يبكين أزواجهن، كأن قد فقدنهم منذ هنيهات.
الشيوخ قد ردهم ما يرون، وما يسمعون إلى الصبا وذكرياته، فانطلقت ألسنتهم بالحديث عما خاضوا من المعارك المظفرة في الأيام الخالية، وما أبلوا في الجهاد، وما حصلوا من الغنائم، وما حازوا من السبايا ... •••
البادية الرحبة قد ازدحمت بالخلائق، وانتثرت فيها خيام الجند، فضجت وعجت؛ ففي كل خيمة حديث بين اثنين أو بين جماعة، وما تزال أصداء الأغاني تتناوح بين المضارب، تعبر عن ألوان من الإشفاق والرهبة، أو من الشوق واللهفة، أو من العزم والفتوة.
هذا فتى لم ينس آخر لياليه في الحاضرة، وينشد حران الفؤاد:
بنفسي من لو مر برد بنانه
على كبدي كانت شفاء أنامله
ومن هباني في كل شيء وهبته
فلا هو يعطيني ولا أنا سائله
وذاك فتى آخر يستقبل أول أيام الفراق باللوعة، فيغني:
Página desconocida