كلمة
أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
كلمة
أشخاص الرواية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
Página desconocida
بنت الإخشيد
بنت الإخشيد
تأليف
إبراهيم رمزي
كلمة
صغت هذه الرواية في سنة 1916، وهي ثاني رواية ألفتها، وكانت لفرقة الأستاذين «حجازي وأبيض». وكان مقصودا أن يقوم بالدور الأول فيها المرحوم الشيخ سلامة، ولكن ما كان به - رحمه الله - من المرض أعجزه عن أن يتناول جديدا بتلحين أو تمثيل. ولذلك رأينا أن تقوم عنه السيدة ميليا ديان بدور «الأمير مزاحم» بلا غناء، وتقوم السيدة ماري إبراهيم بدور «نجلاء» فأحسنتا كل الإحسان، إذ كانت هاتان السيدتان أنصع نطقا وأشد تذوقا للمعاني وأقدر على تصويرها من كل من اتصلت بهن في التمثيل.
ولذلك أهدي إليهما في عزلتهما المباركة وإلى روح الممثل العبقري الخالد الذكر المرحوم أحمد أفندي فهيم ممثل دور الإخشيد بما ليس بعده مجال لإجادة، مطبوع هذه الرواية مع التحية والتسليم وأطيب الذكرى.
إبراهيم رمزي
مصر الجديدة في فبراير سنة 1938
أشخاص الرواية
Página desconocida
الإخشيد:
ملك مصر (931-946) سنه 50 سنة.
محمد بن رائق:
أمير دمشق ... سنه 50 سنة.
الأمير مزاحم:
ولد الأمير ابن رائق ... سنه 25 سنة.
الأمير ظافر:
ابن أخي الإخشيد ... سنه 30 سنة.
الأمير خالد:
أحد قواد الجند في مصر ... سنه 30 سنة.
Página desconocida
كافور:
المعروف بالإخشيدي، عبد أسود خصي، معلم ولدي الإخشيد.
يانس:
أحد أمراء جند الإخشيد ... سنه 40 سنة.
سعيد:
جندي من جنود ظافر.
مبارك:
مولى ابن رائق وخادم الأمير مزاحم سنه 40 سنة.
مملوك تركي:
في قصر الإخشيد بمصر لم يبلغ الحلم.
Página desconocida
نجلاء:
بنت الإخشيد ... سنها 18 سنة.
زينب:
جارية في بيت الإخشيد وصيفة لنجلاء سنها 30 سنة.
الفصل الأول
قطعة من جزيرة الروضة هي بعض بستان قصر المختارة الذي كان للإخشيد ملك مصر في الثلث الثاني من القرن العاشر الميلادي، يرى فيها إلى يسار الناظر مقعد ووراء المقعد أشجار كثيرة وإلى اليمين مثلها، وفي مؤخر المنظر مجرى ماء هو بعض مجرى النيل العظيم يلوح من ورائه بعض قباب الجيزة ومآذنها.
إذا أزيح الستار رؤيت نجلاء ابنة الإخشيد قادمة في زورق جميل من اليسار، تجدف فيه وصيفتها زينب. أما نجلاء ففتاة تركية العنصر بيضاء في الثامنة عشرة من عمرها ترتدي قفطانا من الحرير الأزرق فوقه عباءة فضفاضة، وقد اعتمت اعتمام المتفضل لولا أهداب من الجوهر تتدلى في مهوى القرطين. وأما زينب فامرأة في الثلاثين ممتلئة الجسم ضليعة، ملبسها ملبس الجواري المقربات.
الوقت بعد العشاء بساعة أو يزيد قليلا والقمر بازغ من وراء الأشجار إذ نحن في أول العشرة الثانية من الشهر - فالمنظر إذ ذاك تغشاه أنوار وظلال، فإذا تقدم المشهد تقدم القمر معه وعلا فضاء المكان بلونه الفضي، حتى إذا أسدل الستار على الفصل كان القمر قد مال فحجبته الأشجار اليسرى شيئا ما، ثم أظلم المكان مرة ثانية.
زينب (يقف الزورق) :
أننزل الروضة يا سيدتي الأميرة؟
Página desconocida
نجلاء :
أتعبك التجديف على عجل ... أم ترين بساط الروض أجمل منظرا من بسيط الماء في هذه الليلة القمراء؟
زينب :
كلا، ولكني ...
نجلاء :
لا بأس هلم.
زينب :
إنما رأيتك تنظرين إلى هذا المكان فظننت أنك تطلبينه (تنهض، وتخطو إلى البر وتأخذ في ربط الزورق إلى جذع شجرة إلى اليمين).
نجلاء :
كنت أتلفت لأتبين من فيه (تنهض من مجلسها، وتأتي زينب فتأخذ بيدها، وهي تخطو إلى البر) .
Página desconocida
زينب :
هل كنت ترين أحدا؟
نجلاء :
كلا، ولكن خيل إلي أني سمعت حسا فأشفقت أن يكون ظافر هنا على عادته فيعكر علي صفو ساعة أتلمسها من ليلي ونهاري (تخطو إلى البر، وتسير نحو المقعد) .
زينب :
ويحي يا سيدتي، حسبه بعض هذا الهجران! هل في أسرة الإخشيد أبيك من هو أوسم منه وأشجع؟
نجلاء :
ويحك زينب، إني ما خصصتك من بين الجواري بخدمتي إلا ثقة مني بأمانتك، فإذا أنت أرهقتني بعد اليوم بحديث ابن عمي، فلن يكون لك مني إلا ما تعلمين (تجلس على المقعد) .
زينب :
ويحي يا سيدتي، والله ما حداني من الأمر إلا أني رأيته حزينا فأشفقت عليه.
Página desconocida
نجلاء :
إذا كنت قد أشفقت عليه فأحر بك أن تبكي علي.
زينب :
إنك بخير والحمد لله.
نجلاء :
كيف أكون بخير وأنا أستشعر في نفسي شقوة وحزنا منذ تحدثوا بزواجه مني؟!
زينب :
إذا كنت لا ترغبين في هذا الزواج، فلماذا لم تعلني الأمر إلى أمك؟
نجلاء :
لقد شكوت لها واستحلفتها أن تحول دونه فوعدتني خيرا، ولكني أخشى تعنت أبي. وأقسم لئن لم تصرف عني هذا الأذى لألقين بنفسي في أحضان هذا النيل، إنه مشوق لعروسه منذ ثلثمائة من السنين.
Página desconocida
زينب :
وي، تلقين بنفسك في الماء؟!
نجلاء :
هلم، هلم، ها هو ذا آت. إلى الزورق ... (تنهض وتذهب إلى الزورق.)
زينب (تنظر نحو اليسار وتتأمل وهي تتبع سيدتها) :
ليس هو القادم يا سيدتي.
نجلاء :
لا يعنيني، كل أبناء عمي سواء.
زينب (تحل رباط الزورق، ثم تركب وتتناول المجداف، وهي ناظرة صوب القادم) :
ولكنه ليس من أبناء أعمامك على ما أرى.
Página desconocida
نجلاء :
من ذا يستطيع دخول حديقة المختارة غير واحد منهم ... هلم سيري بنا. أسرعي، إني أسمع وقع خطواته ... (تخرجان) . (يدخل الأمير مزاحم من اليسار، وهو مرتد قباء من الحرير الأبيض، وقد تمنطق بسيف عربي، وعلى رأسه عمامة صغيرة ذات أهداب، ويقف يتأمل حائرا.)
مزاحم :
أين مبارك يا ترى؟ لماذا لم يوافني بمركبي إلى هذا المكان؟ أتراني ضللته (حائرا) ، ألست أرى الجيزة؟ أم أني أطالع الفسطاط. ذلك قصر المختارة أمامي، وتلك قطائع ابن طولون عن يميني، وهذا الحصن من ورائي، وهذا النيل عن يساري (يقف حائرا) ، ويح الغريب يرى البقاع متشابهات، والأصقاع متشاكلات حتى لا يهتدي إلى موعد ولا يطمئن لمكان ... (يخطو نحو المقعد، ويجلس حيث كانت نجلاء جالسة)
لا بأس فلأقض بمصر ليلة أخرى أمتع العين بمنظر النيل قبل ألا نرى النيل، ونشهد عروس الدنيا قبل ألا عروس ... حرام على الناس أن يقلقوا مطمئن النبت في مرقده من هذه الأرض، أما والله لأصرفن أبي عنها ولأكونن لها من دون سيفه درعا، مصر أنت كنانة الله في أرضه من أرادك بسوء قصمه الله. (ينهض ويأخذ في الغناء):
بالله يابانة الفسطاط إن خطرت
عليك ريح الصبا من جانبي ميلي
ولا يصدنك حر في لفائفها
فذاك شوقي إلى الفسطاط والنيل
وأنت ياسوسنا يفتر مبسمه
Página desconocida
عن لؤلؤ بين منضود ومعسول
إن رف طيف خيالي بعد فرقتنا
فلا تمل لمقال الريح والقيل
وجد بها قبلة تحيى النفوس فقد
رأيت خلدي في ضم وتقبيل
وأنت يا ظبيات النيل باكرها
حيا العفاف بتكميل وتجميل
تركت قلبي يرعى بينكن هوى
كما رعى الأم طفل غير مفصول
بالرغم مني أن أنأى وقد علقت
Página desconocida
نفسي بتربك يا دار العطابيل
أفديك من نظرة يا ريم خائنة
ومن أماني قلب غير متبول
أنتن حور وتلك العين عارية
صورن منكن في طهر وتكميل
وما الملائك إلا قومكن وما
تلك الفراديس إلا روضة النيل
رضوانها الملك الإخشيد يكلؤها
من الأذى بمساميح بهاليل
قوم همو بعض حسن الدهر حوضهمو
Página desconocida
ممنع بمواضيه المصاقيل
أصفت شمائلهم آي الجمال بدت
للعين في كل مطبوع ومنقول
مهد الحضارة لا ينزل هواك على
عاديك إلا بتذليل وتنكيل
طهرت حتى استعاروا منك دينهمو
وشوهوه بتغيير وتبديل
وأنت إن أنكرتك الأرض باقية
للفضل والنبل وردا غير مجهول (يخرج ماشيا تحت الأشجار يمينا، ويعود الزورق بنجلاء وزينب، ويقف بهما هنيهة.)
نجلاء :
Página desconocida
من صاحب هذا الصوت الجميل يا ترى؟
زينب :
إني ما سمعت هذا الصوت من قبل، ولكن في نفسي صورة من صاحبه وإن كنت لا أدري أين رأيته، بيد أنه من دمشق يا مولاتي.
نجلاء :
سيري بنا، لعله من ضيوف أبي.
زينب :
عفوك يا سيدتي (تترك الزورق وهي قابضة على حبله وتهرع إلى البر تنظر إلى مزاحم وهو سائر في الخميلة، ثم تعود) .
نجلاء :
ويحك زينب ماذا تفعلين؟ لا يليق بك هذا.
زينب (تعود فتركب الزورق) :
Página desconocida
تذكرته يا مولاتي، سأخبرك عنه.
نجلاء :
سيري، سيري، أسرعي (تخرجان)
عرجي على خليج عمر.
مزاحم (يعود من اليمين ويتجه نحو النيل وظهره إلى الناظر، ثم يتقدم يسارا) :
أسمع صوت زورق يدنو، أيكون مبارك قد تتبع مصدر صوتي؟ هذا زورق فيه فتاتان، يا الله! أتكونان من بيت الإخشيد؟ أأنا في حديقة المختارة؟ ( يتلفت)
حقا إنني أخطأت. (يدخل الأمير ظافر من اليمين ولا يزال مزاحم يراقب الزورق.)
ظافر :
ويحك، من أنت؟
مزاحم (يلتفت) :
Página desconocida
سلام أيها الأمير.
ظافر :
ثكلتك أمك من أنت؟
مزاحم :
غريب ضللت الطريق.
ظافر :
قبحت، كيف تخطئ، وهذه الجزيرة كلها حرم الأخاشدة؟!
مزاحم :
لا أعرف أنها كلها كذلك، فقد خبرني خادمي أن ركنها هذا مباح للسابلة، فإذا كان قد أخطأ فعذره أنه غريب عن مصر مثلي.
ظافر :
Página desconocida
فلماذا تجيء هنا في مثل هذه الساعة من الليل، وأنت تعلم أن أبواب الفسطاط لا تفتح لسارب بالليل واردا أو صادرا بعد الغروب بساعة؟
مزاحم :
ذلك لأني راحل عنها في هذه الليلة المقمرة تفاديا من حرارة النهار، وإذا بقيت بالفسطاط، فإني لا أستطيع الخروج.
ظافر :
وأين مركبك الذي ترحل به؟
مزاحم :
ذهب خادمي لاكترائه من المقس، ثم يعود به إلي حيث واعدني، أما أنا فاكتريت زورقا كان على شاطئ الفسطاط عبرت به خليج عمر، وقد سرت في الجزيرة على غير هدى كما تبين لي، فاعذرني أيها الأمير.
ظافر :
كم لبثت هنا؟
مزاحم :
Página desconocida
بعض الساعة أيها الأمير.
ظافر :
ويل لك، إنما جئت ترعى نسوة القصر في خلوتهن كالذئب يرقب حمامة المرج لدى وكرها.
مزاحم :
معاذ الله أيها الأمير، إن نساء مصر كظباء مكة صيدهن حرام.
ظافر :
ولحمهن مر يا شقي. ألم تكن ترقب ابنة الإخشيد وهي في زورقها؟
مزاحم :
كلا والله، وما ينبغي لي. ولكني سمعت حفيف زورق، فزعمت أن خادمي جاء ليحملني.
ظافر :
Página desconocida
إذن فارحل عن هذا المكان على الفور. هذا قصارى ما يعفو به عن مثل جرمك الأمير ظافر بن حسين أخي الإخشيد.
مزاحم :
شكرا لك أيها الأمير فهل تدلني على الطريق؟
ظافر (مشيرا إلى الماء) :
دونك الطريق.
مزاحم :
طريق الماء؟
ظافر :
أجل.
مزاحم :
Página desconocida
كيف أنتقل إلى الشاطئ أيها الأمير وليس لي مركب هنا؟ ألا تدلني على مكان السابلة حتى ألاقي خادمي؟
ظافر :
ألق بنفسك في الماء، عجل.
مزاحم :
ما هكذا كرم الأخاشدة!
ظافر :
ويحك، عجل (يضع يده على مقبض سيفه) .
مزاحم :
هب أني استطعت الوصول إلى الشاطئ سابحا فمن ذا يفتح لي باب الفسطاط؟ بل من ذا يبيعني ثوبا يقيني أذى البلل حتى ألاقي خادمي؟
ظافر :
Página desconocida