Construcción de la nación árabe
منهاج مفصل لدروس في العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم
Géneros
والواقع أن ضباط الجيش العثماني في عهد عبد العزيز وضباط الجيش المصري في عهد إسماعيل لم يكونوا أول من تحرك لتغيير أنظمة الحكم - سبقهم إلى ذلك المدنيون - بل سبقهم إلى ذلك في مصر رجال لم نعتد أن نقرن أسماءهم بالثورات والانقلابات من أمثال نوبار ورياض وشريف - ومن مسائل التاريخ العثماني والمصري الممتعة كيف بدأ اتصال العسكريين بتلك الحركات.
وزاد نشاط الدستوريين في القاهرة والقسطنطينية، وبينما الأزمات التي كان يواجهها إسماعيل ميدانها مصر وعناصرها تتكون من التدخل الأجنبي ومن مطالب المصريين، كانت أزمات عبد العزيز أشد تعقيدا بحكم ما بين مصر والدولة العثمانية من فروق فبالإضافة إلى ما يجري بمصر - وهو أيضا من الشئون التي تهم الدولة - واجه عبد العزيز الاضطرابات القومية في البلقان، وانفجرت الفتنة في إقليم الهرسك في سنة 1875، وامتدت الحركة لأقاليم أخرى، منها بلغاريا حيث ارتكب الجند العثماني غير النظامي (الباشبوزق) فظائع أهاجت الرأي العام الأوروبي، وتدخلت الدول الأوروبية فيما هو جار وأعلنت الروسيا الحرب على الدولة العثمانية في 1877، وكانت الحرب المشهورة ووصول الروس إلى قرب العاصمة العثمانية، وعقد معاهدة الصلح المعروفة باسم معاهدة سان إستيفانو في 1878، وتعديلها في معاهدة برلين في نفس السنة نتيجة لمداولات مؤتمر أوروبي، وسنعود لهذه الحرب والمعاهدتين ببيان أوفى، فإنها حدثت في عهد سلطان جديد سننتقل إليه بعد قليل؛ ذلك أن الدستوريين تمكنوا من خلع عبد العزيز في 1876، وبعد مدة قصيرة من خلعه وجد عبد العزيز مقتولا، واختلفوا في هذا، فقيل إنه اغتيل، وقيل إنه انتحر.
وبعد خلعه ولى القائمون بالحركة مراد الخامس (وهو ابن عبد المجيد)، ثم تبينوا ضعف عقله فخلعوه واعتقلوه وولوا أخاه عبد الحميد الثاني، وسندرس أحداث زمانه في فصل منفصل لأهميته.
وقبل أن ننتقل نشير إلى مسألتين أو ثلاث تهم الحقبة التي نحن بصددها: (1)
إتمام حفر قناة السويس وفتحه للتجارة الدولية في 1869، وهو مشروع دولي يؤخذ على الخديو سعيد تبنيه وتعضيده، وكان الأولى به أن يدرك - كما أدرك محمد علي - أن المشروعات من هذا النوع تودي باستقلال الأمم المكبلة بقيود وأغلال تحد سلطانها وتمنعها من الأخذ بأسباب التقدم. وكان سعيد يستطيع أن يجد في معارضة السلطنة وبريطانيا للمشروع عونا يمكنه من مقاومة ضغط فرنسا لتبني مشروع وصل البحرين. (2)
استمرار فرنسا في أعمال الفتح والاستعمار في الجزائر. (3)
ارتباك في تونس من نوع ارتباك مصر والدولة العثمانية. (4)
وأخيرا نحلل - طبقا لما وعدنا - الوثيقتين: خط كلخانة والخط الهمايوني.
بدأ عهد كلخانة بالقول بأن في مبدأ الأمر حينما سارت الأمور وفق أحكام كتاب الله وشرائع المملكة سعدت الرعية، ولكن في المائة والخمسين سنة الأخيرة لم تلق الشرائع ما يجب لها فأصاب الدولة الضعف والفقر، وانتقل السلطان إلى إعلان الضمانات المشهورة لكافة رعاياه في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، ووعد بإصلاح نظام الجباية ونظام التجنيد والقضاء عن طريق التشريع. ثم بين أن التشريع سيتم بناء على مداولات مجلسين أو هيئتين؛ أحدهما للشئون المدنية ويتكون من الوزراء والأعيان (المعينين) والقضاة، وآخر للشئون العسكرية من رجالها، وأن كل قانون تنتهي الهيئتان من إعداده يقره ويصدره.
وأعلن أن عهده هذا سيودع في خزانة الآثار النبوية الشريفة، وأنه سيقسم بالعمل وفق أحكامه بحضور العلماء وأصحاب المناصب، وأنهم سيقسمون هم أيضا فردا فردا، ومن يحنث بعد في يمينه فإنه سيلقى عقابا، وأن العقوبات سيصدر بها قانون خاص، كذلك عرض العهد لشئون الموظفين وإعطائهم المرتبات المجزية والانتظام في دفعها، وعرض للرشوة وندد بها وبفظائعها. وأخيرا ختم العهد بالقول بأن ما يحتويه من تنظيمات هي إما تعديل للأنظمة القديمة للدولة أو تبديل أنظمة جديدة لها.
Página desconocida