Sin Ataduras
بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية
Géneros
شكل 10-2: تنعكس التغييرات في المناخ العالمي في عينة جوفية جليدية أخذت في محطة أبحاث فوستوك في أنتاركتيكا. تظهر هذه البيانات ارتباطا جليا بين مستويات الغبار الجوي وانخفاض درجات الحرارة عالميا خلال العصور الجليدية الأربعة الأخيرة. (الرسم من تصميم المؤلف استنادا إلى بيانات فوستوك بيتي. بتصريح من الترخيص 3,0 المشاع الإبداعي عبر ويكيميديا كومونز.)
حاليا تمتلك تسع دول قومية كل الأسلحة النووية التي في العالم اليوم، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية.
9
ورغم أن إجمالي عدد الأسلحة الحرارية النووية التي تمتلكها هذه الدول التسعة هو سر في طي الكتمان، فإن اتحاد العلماء الأمريكيين القائم في واشنطن العاصمة يواظب على جمع تقديرات بها، وينشرها دوريا في دورية «بولتين أوف آتوميك ساينتيستس».
10
ووفق تقديرات هؤلاء العلماء فإنه في عام 2013م كانت الولايات المتحدة وروسيا تملكان معا ستة عشر ألف رأس نووي على الأقل، بينما امتلكت السبع دول الأخرى مجتمعة ألفا أخرى على الأقل.
تمثل هذه الأسلحة النووية مجتمعة إجمالي القوة التفجيرية لمائة وستين مليار طن من مادة ثالث نترات التولوين تي إن تي؛ أي بمعدل نحو ثلاثة وعشرين طنا من ثالث نترات التولوين لكل إنسان على الأرض، لكن حيث إن ما يستخدم من هذه الأسلحة في المرة الواحدة لا يتعدى 25 في المائة منها فقط، فإن القوة التفجيرية التي قد تستخدم في الحال تبلغ نحو ستة أطنان من ثالث نترات التولوين لكل شخص حي اليوم. تعادل الستة أطنان من ثالث نترات التولوين نحو خمسة عشر ألف قطعة ديناميت، وهو أكثر من كاف لقتلك أنت وأفراد أسرتك، وتدمير منزلك، ودك مقر عملك ومدارسك والشركات التي تتعامل معها، وكل الأماكن التي ترتادها من أجل الطعام والترفيه والتأمل والعبادة. باختصار، القوات النووية المستخدمة في الوقت الحالي أكثر من كافية لتدمير كل ما أقامته البشرية منذ فجر الحضارة.
يبين لنا التاريخ أن الناس والمجتمعات لا تقدم عادة على التخلص من التهديد الذي يتربص بسلامتها حتى يطرأ حدث ما يبرهن على خطورة ذلك التهديد برهانا حيا. من ثم يبدو من المحتمل أن تبقى البنية التحتية للحرب الحرارية النووية في مكانها حتى تستنفر واقعة ليست في الحسبان ومأساوية الرأي العام، وتجعل العالم يعود إلى صوابه، مثل تفجير سلاح حراري نووي في منطقة حضرية كبرى ليقتل ملايين الأشخاص. لا شك أن واقعة من هذا القبيل ستؤدي إلى نداء عاجل وقوي بنزع السلاح النووي، لكنه سيكون بالتأكيد ثمنا فادحا مقابل إجراء كان لا بد أن يتخذ منذ زمن طويل باعتباره إجراء منطقيا.
شكل 10-3: رغم أن انقراض أنواع النباتات والحيوانات طالما كان عملية مستمرة طوال تاريخ الحياة على الأرض، فإن عدد الأنواع التي تنقرض سنويا شهد زيادة هائلة منذ بداية القرن العشرين.
من المؤكد أن صناعة آلة الهلاك النووية - واستمرار صيانتها وتطويرها طوال السبعين سنة الماضية - كان أحد أفظع حالات الجنون الجماعي في تاريخ النوع الإنساني؛ فلم توجد قط طوال ملايين السنين التي سكن فيها البشر هذا الكوكب تقنية قادرة على إلحاق القدر نفسه من الإبادة الذاتية الجماعية من على بعد. وفيما هو بالتأكيد أكبر مفارقة في تاريخ البشر، تبنت البشرية آلة الهلاك كوسيلة «ضرورية» لتحقيق «الأمن» القومي، وقد عاش المجتمع الحديث طويلا مع هذا الواقع الغريب حتى صار متراضيا تراضيا غريبا مع خطر الإبادة النووية. بيد أن آلة الهلاك النووي واقع؛ فهي نشطة وقابلة للعمل ومستعدة لتدمير البشرية جمعاء، وتستطيع أي قوة من قوى العالم النووية تفعيلها في غضون دقائق.
Página desconocida