138

Sin Ataduras

بلا قيود: تقنيات حررت البشر ودفعتهم لحافة الهاوية

Géneros

وبمرور الوقت صار الجو داخل الغلاف الحيوي الثاني مشبعا بأكسيد النيتروز، حتى وصل أخيرا إلى معدلات هددت الفريق بتلف دائم في المخ. بالإضافة إلى هذا، أدى سكون الهواء داخل المنطقة المسيجة إلى ضعف وتقصف جذوع الأشجار وفروعها؛ إذ إنها تتقوى بحركة الرياح في الظروف الطبيعية، وصارت معرضة لما أسماه العلماء فيما بعد «انهيارات كارثية خطيرة». في الوقت نفسه، تكاثر نمو لبلاب مجد الصباح ليضيق الخناق على النباتات والأشجار الأخرى، وتطلب الأمر اجتثاثه باستمرار.

وماتت كل أنواع حشرات التلقيح التي أحضرت إلى الغلاف الحيوي؛ مما حال دون تكاثر النباتات الزراعية، وأكد أنها لن تعيش أكثر من معدل عمرها الطبيعي. كذلك ماتت أغلب الحشرات الأخرى، تاركة الغلاف الجوي الثاني في نهاية الأمر تجتاحه كلية أسراب من الصراصير و«النمل المجنون الطويل» التي أخذت تنطلق عشوائيا في كل الاتجاهات.

7

أما المناطق التي كان يزمع أن تكون صحراوات فتحولت إلى غابات حرشية ومروج، وصارت شبكات المياه مشبعة بالمغذيات الكيميائية، حتى إنه صار من الضروري أن تجري المياه كلها فوق حصر طحلبية سميكة كان لا بد أن تجمع وتجفف وتخزن دوريا داخل المنطقة. وأخيرا، لم يبق على قيد الحياة من الخمسة والعشرين نوعا من الطيور والثدييات والأسماك والزواحف التي دخلت الغلاف الحيوي الثاني في البداية سوى ستة أنواع مع انتهاء التجربة بعد أربعة وعشرين شهرا.

في تقرير واقعي حول الدروس المستفادة من الغلاف الحيوي الثاني نشر عام 1996م، توصل عالم الأحياء جويل إيه كوهين وعالم البيئة جي ديفيد تيلمان إلى أنه «لا يوجد في الوقت الحاضر بديل أكيد للحفاظ على استمرارية الأرض. فلا يعلم أحد بعد كيفية تخطيط أنظمة تمد البشر بخدمات الإعاشة التي تنتجها الأنظمة البيئية الطبيعية مجانا.»

8

لا يوجد سوى عالم واحد نعرفه يمكنه دعم البشر بسبل الحياة، وهو كوكبنا الأخضر المزرق الذي أذهل رواد الفضاء وأبهجهم للغاية لدى رؤيته خلال رحلاتهم إلى القمر؛ فليس لدينا وطن آخر، ولا يمكننا تنفس هواء آخر، ولا يمكن لكوكب آخر أن يمدنا بالغذاء. الأرض هي نظام الإعاشة الوحيد على الإطلاق المتاح للنوع البشري، ولا نملك بديلا آخر للحفاظ على سلامة الغلاف الحيوي وحياته حتى نظل نحن أنفسنا في صحة وأحياء. وأي شيء آخر هو خيال علمي ووهم.

آلات الحرب وآلات الهلاك

حين اقترنت الأسلحة النارية الحديثة بمركبات وطائرات تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي، بلغت آلات الحرب الحديثة قدرة على القتل والتدمير لم يكن القادة العسكريون لجيوش العصور القديمة والوسطى ليتخيلوها في أكثر أحلامهم تطرفا؛ فقد مات أكثر من مائة مليون شخص في الحروب خلال القرن العشرين وحده، وهو ما يعادل على الأقل أربعة أضعاف عدد الناس الذين كانوا يعيشون على كوكب الأرض حين نشأت الحضارات المدنية الأولى، لكن رغم الحال المرعب الذي وصلت إليه آلات الحرب الحديثة تتضاءل قدرتها التدميرية مقارنة بالأسلحة النووية؛ آلة الهلاك في الحضارة المعاصرة.

رغم أننا لم نعد نفكر إلا نادرا على ما يبدو فيما يشكله الدمار النووي الحراري من خطورة، فإنه يعد أقرب الأخطار التي تهدد الأحياء العاقلة في تاريخ نوعنا؛ فهناك الآن مئات القذائف الباليتسية العابرة للقارات والغواصات النووية وقاذفات القنابل المزودة بآلاف الأسلحة الحرارية النووية التي تستهدف المراكز السكانية الرئيسية في العالم بهدف محدد، وهو القضاء عليها. إذا استخدمت هذه الأسلحة بالفعل من أجل الغرض المحدد لها فلا شك أنها ستقضي على الحضارة الإنسانية، وربما تبيد النوع البشري، وقد تبيد كل أشكال الأحياء الذكية الأخرى التي تشاركنا هذا الكوكب.

Página desconocida