El principio del diligente y el fin del economizador

Averroes d. 595 AH
79

El principio del diligente y el fin del economizador

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Editorial

دار الحديث

Número de edición

بدون طبعة

Ubicación del editor

القاهرة

وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي كَثِيرِ الدَّمِ وَقَلِيلِهِ فَسَبَبُهُ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقَضَاءِ بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ أَوْ بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ تَحْرِيمُ الدَّمِ مُطْلَقًا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ﴾ [المائدة: ٣] وَوَرَدَ مُقَيَّدًا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ [الأنعام: ١٤٥] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ﴾ [الأنعام: ١٤٥] . فَمَنْ قَضَى بِالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَهُمُ الْجُمْهُورُ قَالَ: الْمَسْفُوحُ هُوَ النَّجِسُ الْمُحَرَّمُ فَقَطْ، وَمَنْ قَضَى بِالْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ; لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةً قَالَ: الْمَسْفُوحُ وَهُوَ الْكَثِيرُ، وَغَيْرُ الْمَسْفُوحِ وَهُوَ الْقَلِيلُ، كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَأَيَّدَ هَذَا بِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ نَجِسٌ لِعَيْنِهِ فَلَا يَتَبَعَّضُ. الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى نَجَاسَةِ بَوْلِ ابْنِ آدَمَ وَرَجِيعِهِ إِلَّا بَوْلَ الصَّبِيِّ الرَّضِيعِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْحَيَوَانِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهَا كُلَّهَا نَجِسَةٌ. وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى طَهَارَتِهَا بِإِطْلَاقٍ أَعْنِي فَضْلَتَيْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ، الْبَوْلَ وَالرَّجِيعَ وَقَالَ قَوْمٌ: أَبْوَالُهَا وَأَرْوَاثُهَا تَابِعَةٌ لِلُحُومِهَا، فَمَا كَانَ مِنْهَا لُحُومُهَا مُحَرَّمَةً فَأَبْوَالُهَا وَأَرْوَاثُهَا نَجِسَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَمَا كَانَ مِنْهَا لُحُومُهَا مَأْكُولَةً فَأَبْوَالُهَا وَأَرْوَاثُهَا طَاهِرَةٌ، مَا عَدَا الَّتِي تَأْكُلُ النَّجَاسَةَ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مَكْرُوهًا فَأَبْوَالُهَا، وَأَرْوَاثُهَا مَكْرُوهَةٌ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِذَلِكَ فِي الْأَسْآرِ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ «الْإِبَاحَةِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ»، «وَإِبَاحَتِهِ ﵊ لِلْعُرَنِيِّينَ شُرْبَ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا»، وَفِي مَفْهُومِ «النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» . وَالسَّبَبُ الثَّانِي: اخْتِلَافُهُمْ فِي قِيَاسِ سَائِرِ الْحَيَوَانِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِنْسَانِ، فَمَنْ قَاسَ سَائِرَ الْحَيَوَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَرَأَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ قِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى لَمْ يَفْهَمْ مِنْ إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ طَهَارَةَ أَرْوَاثِهَا، وَأَبْوَالِهَا، وَجَعَلَ ذَلِكَ عِبَادَةً، وَمَنْ فَهِمَ مِنَ «النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» النَّجَاسَةَ، وَجَعَلَ إِبَاحَتَهُ لِلْعُرَنِيِّينَ أَبْوَالَ الْإِبِلِ لِمَكَانِ الْمُدَاوَاةِ عَلَى أَصْلِهِ فِي إِجَازَةِ ذَلِكَ قَالَ: كُلُّ رَجِيعٍ وَبَوْلٍ فَهُوَ نَجِسٌ، وَمَنْ فَهِمَ مِنْ حَدِيثِ «إِبَاحَةِ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ» طَهَارَةَ أَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا، وَكَذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ وَجَعَلَ «النَّهْيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ» عِبَادَةً أَوْ لِمَعْنًى غَيْرِ مَعْنَى النَّجَاسَةِ، وَكَانَ الْفَرْقُ عِنْدَهُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ أَنَّ فَضْلَتَيِ الْإِنْسَانِ مُسْتَقْذَرَةٌ بِالطَّبْعِ وَفَضْلَتَيْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ جَعَلَ الْفَضَلَاتِ تَابِعَةً لِلُّحُومِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 87