77

El principio del diligente y el fin del economizador

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Investigador

فريد عبد العزيز الجندي

Editorial

دار الحديث

Año de publicación

1425 AH

Ubicación del editor

القاهرة

مَيْتَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ اللَّحْمَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيْتَةِ مَيْتَةٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِظَامِ وَالشَّعْرِ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْعَظْمَ وَالشَّعْرَ مَيْتَةٌ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَيْتَةٍ، وَذَهَبَ مَالِكٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الشَّعْرِ وَالْعَظْمِ فَقَالَ: إِنَّ الْعَظْمَ مَيْتَةٌ وَلَيْسَ الشَّعْرُ مَيْتَةً. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْحَيَاةِ مِنْ أَفْعَالِ الْأَعْضَاءِ. فَمَنْ رَأَى أَنَّ النُّمُوَّ وَالتَّغَذِّيَ هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَيَاةِ قَالَ: إِنَّ الشِّعْرَ وَالْعِظَامَ إِذَا فَقَدَتِ النُّمُوَّ وَالتَّغَذِّيَ فَهِيَ مَيْتَةٌ. وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ اسْمُ الْحَيَاةِ إِلَّا عَلَى الْحِسِّ قَالَ: إِنَّ الشَّعْرَ وَالْعِظَامَ لَيْسَتْ بِمَيْتَةٍ ; لِأَنَّهَا لَا حِسَّ لَهَا. وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوْجَبَ لِلْعِظَامِ الْحِسَّ وَلَمْ يُوجِبْ لِلشَّعْرِ. وَفِي حِسِّ الْعِظَامِ اخْتِلَافٌ، وَالْأَمْرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْأَطِبَّاءِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّغَذِّيَ وَالنُّمُوَّ لَيْسَا هُمَا الْحَيَاةَ الَّتِي يُطْلَقُ عَلَى عَدَمِهَا اسْمُ الْمَيْتَةِ، أَنَّ الْجَمِيعَ قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ أَنَّهُ مَيْتَةٌ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊: «مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ فَهُوَ مَيْتَةٌ»، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الشَّعْرَ إِذَا قُطِعَ مِنَ الْحَيِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ، وَلَوِ انْطَلَقَ اسْمُ الْمَيْتَةِ عَلَى مَنْ فَقَدَ التَّغَذِّيَ وَالنُّمُوَّ لَقِيلَ فِي النَّبَاتِ الْمَقْلُوعِ إِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبَاتَ فِيهِ التَّغَذِّي وَالنُّمُوُّ، وَلِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ إِنَّ التَّغَذِّيَ الَّذِي يَنْطَلِقُ عَلَى عَدَمِهِ اسْمُ الْمَوْتِ هُوَ التَّغَذِّي الْمَوْجُودُ فِي الْحَسَّاسِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِهَا مُطْلَقًا دُبِغَتْ أَوْ لَمْ تُدْبَغْ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى خِلَافِ هَذَا، وَهُوَ أَلّا يُنْتَفَعَ بِهِ أَصْلًا وَإِنْ دُبِغَتْ، وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تُدْبَغَ، وَأَلَا تُدْبَغَ، وَرَأَوْا أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ لَهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُهَا، وَلَكِنْ تُسْتَعْمَلُ فِي الْيَابِسَاتِ. وَالَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُطَهِّرٌ لِمَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنَ الْحَيَوَانِ أَعْنِي الْمُبَاحَ الْأَكْلِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ مُطَهِّرٌ لِمَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ فَقَطْ، وَأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهَا فِي إِفَادَةِ الطَّهَارَةِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى تَأْثِيرِ الدِّبَاغِ فِي جَمِيعِ مِيتَاتِ الْحَيَوَانِ مَا عَدَا الْخِنْزِيرَ. وَقَالَ دَاوُدُ: تُطَهِّرُ حَتَّى جِلْدَ الْخِنْزِيرِ.

1 / 85