43

El principio del diligente y el fin del economizador

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Investigador

فريد عبد العزيز الجندي

Editorial

دار الحديث

Año de publicación

1425 AH

Ubicación del editor

القاهرة

أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرْفَاتٍ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ". وَالصِّفَةُ الْوَارِدَةُ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ قَرِيبَةٌ مِنْ هَذَا، إِلَّا أَنَّهُ أَخَّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إِلَى آخِرِ الطُّهْرِ»، وَفِي «حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْضًا، وَقَدْ سَأَلَتْهُ: ﵊: " هَلْ تَنْقُضُ ضَفْرَ رَأْسِهَا لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ ﵊: إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ الْمَاءَ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ، ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْكِ الْمَاءَ، فَإِذَا أَنْتِ قَدْ طَهُرْتِ»، وَهُوَ أَقْوَى فِي إِسْقَاطِ التَّدَلُّكِ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ ; لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ هُنَالِكَ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لِطُهْرِهِ قَدْ تَرَكَ التَّدَلُّكَ، وَأَمَّا هَاهُنَا فَإِنَّمَا حَصَرَ لَهَا شُرُوطَ الطَّهَارَةِ، وَلِذَلِكَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صِفَةَ الطَّهَارَةِ الْوَارِدَةَ مِنْ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ وَعَائِشَةَ هِيَ أَكْمَلُ صِفَاتِهَا، وَأَنَّ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ أَرْكَانِهَا الْوَاجِبَةِ، وَأَنَّ الْوُضُوءَ فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الطُّهْرِ إِلَّا خِلَافًا شَاذًّا رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَفِيهِ قُوَّةٌ مِنْ جِهَةِ ظواهر الْأَحَادِيثِ، وَفِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ قُوَّةٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ ; لِأَنَّ الطَّهَارَةَ ظَاهِرٌ مِنْ أَمْرِهَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ، لَا أَنَّ الْوُضُوءَ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا، فَهُوَ مِنْ بَابِ مُعَارَضَةِ الْقِيَاسِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَطَرِيقَةُ الشَّافِعِيِّ تَغْلِيبُ ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ عَلَى الْقِيَاسِ. فَذَهَبَ قَوْمٌ كَمَا قُلْنَا إِلَى ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، وَغَلَّبُوا ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِهَا عَلَى الْوُضُوءِ، فَلَمْ يُوجِبُوا التَّدَلُّكَ، وَغَلَّبَ آخَرُونَ قِيَاسَ هَذِهِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْوُضُوءِ عَلَى ظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ، فَأَوْجَبُوا التَّدَلُّكَ كَالْحَالِ فِي الْوُضُوءِ. فَمَنْ رَجَّحَ الْقِيَاسَ صَارَ إِلَى إِيجَابِ التَّدَلُّكِ، وَمَنْ رَجَّحَ ظَاهِرَ الْأَحَادِيثِ عَلَى الْقِيَاسِ صَارَ إِلَى إِسْقَاطِ التَّدَلُّكِ. وَأَعْنِي بِالْقِيَاسِ: قِيَاسَ الطُّهْرِ عَلَى الْوُضُوءِ. وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ مِنْ طَرِيقِ الِاسْمِ فَفِيهِ ضَعْفٌ إِذْ كَانَ اسْمُ الطُّهْرِ وَالْغُسْلِ يَنْطَلِقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ جَمِيعًا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اخْتَلَفُوا هَلْ مِنْ شُرُوطِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ النِّيَّةُ أَمْ لَا؟ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي الْوُضُوءِ: فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ، وَأَصْحَابُهُ إِلَى أَنَّ النِّيَّةَ مِنْ شُرُوطِهَا، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهَا تُجْزِئُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَالْحَالِ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَهُمْ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الطُّهْرِ هُوَ بِعَيْنِهِ سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوُضُوءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ أَيْضًا كَاخْتِلَافِهِمْ فِيهِمَا فِي الْوُضُوءِ (أَعْنِي: هَلْ هُمَا وَاجِبَانِ فِيهَا أَمْ لَا؟) .

1 / 51