El principio del diligente y el fin del economizador
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Investigador
فريد عبد العزيز الجندي
Editorial
دار الحديث
Año de publicación
1425 AH
Ubicación del editor
القاهرة
وَأَمَّا الْمَعَانِي الْمُتَدَاوَلَةُ الْمُتَأَدِّيَةُ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ اللَّفْظِيَّةِ لِلْمُكَلَّفِينَ، فَهِيَ بِالْجُمْلَةِ: إِمَّا أَمْرٌ بِشَيْءٍ، وَإِمَّا نَهْيٌ عَنْهُ، وَإِمَّا تَخْيِيرٌ فِيهِ. وَالْأَمْرُ إِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْجَزْمُ وَتَعَلَّقَ الْعِقَابُ بِتَرْكِهِ سُمِّيَ وَاجِبًا، وَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الثَّوَابُ عَلَى الْفِعْلِ وَانْتَفَى الْعِقَابُ مَعَ التَّرْكِ سُمِّيَ نَدْبًا، وَالنَّهْيُ أَيْضًا إِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْجَزْمُ وَتَعَلَّقَ الْعِقَابُ بِالْفِعْلِ سُمِّيَ مُحَرَّمًا وَمَحْظُورًا، وَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْحَثُّ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقِ عِقَابٍ بِفِعْلِهِ سُمِّيَ مَكْرُوهًا، فَتَكُونُ أَصْنَافُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَلَقَّاةُ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ خَمْسَةً: وَاجِبٌ، وَمَنْدُوبٌ، وَمَحْظُورٌ، وَمَكْرُوهٌ، وَمُخَيَّرٌ فِيهِ وَهُوَ الْمُبَاحُ.
وَأَمَّا أَسْبَابُ الِاخْتِلَافِ بِالْجِنْسِ فَسِتَّةٌ: أَحَدُهَا: تَرَدُّدُ الْأَلْفَاظِ بَيْنَ هَذِهِ الطُّرُقِ الْأَرْبَعِ: أَعْنِي: بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ، أَوْ خَاصًّا يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ، أَوْ عَامًّا يُرَادُ بِهِ الْعَامُّ، أَوْ خَاصًّا يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ، أَوْ يَكُونَ لَهُ دَلِيلٌ خِطَابٍ، أَوْ لَا يَكُونَ لَهُ.
وَالثَّانِي الِاشْتِرَاكُ الَّذِي فِي الْأَلْفَاظِ، وَذَلِكَ إِمَّا فِي اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ كَلَفْظِ الْقُرْءِ الَّذِي يَنْطَلِقُ عَلَى الْأَطْهَارِ وَعَلَى الْحَيْضِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْأَمْرِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ، وَلَفْظُ النَّهْيِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى التَّحْرِيمِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ؟
وَأَمَّا فِي اللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِلا الَّذِينَ تَابُوا﴾ [البقرة: ١٦٠] فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْفَاسِقِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلَ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْفَاسِقِ وَالشَّاهِدِ، فَتَكُونَ التَّوْبَةُ رَافِعَةً لِلْفِسْقِ وَمُجِيزَةً شَهَادَةَ الْقَاذِفِ.
وَالثَّالِثُ: اخْتِلَافُ الْإِعْرَابِ، وَالرَّابِعُ: تَرَدُّدُ اللَّفْظِ بَيْنَ حَمْلِهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ حَمْلِهِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَجَازِ، الَّتِي هِيَ: إِمَّا الْحَذْفُ، وَإِمَّا الزِّيَادَةُ، وَإِمَّا التَّقْدِيمُ، وَإِمَّا التَّأْخِيرُ، وَإِمَّا تَرَدُّدُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْ الِاسْتِعَارَةِ.
وَالْخَامِسُ: إِطْلَاقُ اللَّفْظِ تَارَةً، وَتَقْيِيدُهُ تَارَةً أُخْرَى، مِثْلَ إِطْلَاقِ الرَّقَبَةِ فِي الْعِتْقِ تَارَةً، وَتَقْيِيدِهَا بِالْإِيمَانِ تَارَةً.
وَالسَّادِسُ: التَّعَارُضُ فِي الشَّيْئَيْنِ فِي جَمِيعِ أَصْنَافِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَتَلَقَّى مِنْهَا الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ بَعْضَهَا مَعَ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ التَّعَارُضُ الَّذِي يَأْتِي فِي الْأَفْعَالِ أَوْ فِي الْإِقْرَارَاتِ، أَوْ تَعَارُضُ الْقِيَاسَاتِ أَنْفُسِهَا، أَوِ التَّعَارُضُ الَّذِي يَتَرَكَّبُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ: أَعْنِي مُعَارَضَةَ الْقَوْلِ لِلْفِعْلِ أَوْ لِلْإِقْرَارِ أَوْ لِلْقِيَاسِ، وَمُعَارَضَةَ الْفِعْلِ لِلْإِقْرَارِ أَوْ لِلْقِيَاسِ، وَمُعَارَضَةَ الْإِقْرَارِ لِلْقِيَاسِ.
قَالَ الْقَاضِي ﵁: وَإِذْ قَدْ ذَكَرْنَا بِالْجُمْلَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَلْنَشْرَعْ فِيمَا قَصَدْنَا لَهُ، مُسْتَعِينِينَ بِاللَّهِ، وَلْنَبْدَأْ مِنْ ذَلِكَ بِكِتَابِ الطَّهَارَةِ عَلَى عَادَاتِهِمْ.
1 / 12