El principio del diligente y el fin del economizador

Averroes d. 595 AH
174

El principio del diligente y el fin del economizador

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Editorial

دار الحديث

Número de edición

بدون طبعة

Ubicación del editor

القاهرة

أَمَّا الْآثَارُ الَّتِي اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا، فَمِنْهَا حَدِيثُ أَنَسٍ الثَّابِتُ بِاتِّفَاقٍ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ رَكِبَ»، وَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا عَجِلَ بِهِ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ» . وَالْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ خَرَّجَهُ مَالِكٌ، وَمُسْلِمٌ قَالَ: «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» فَذَهَبَ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِلَى أَنَّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ الْمُخْتَصِّ بِهَا وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا. وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَوْقَعَ صَلَاةَ الظُّهْرِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَصَلَاةَ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا عَلَى مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ قَالُوا: وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ حَمْلُ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ; لِأَنَّهُ قَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا فِي الْحَضَرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ: (أَعْنِي: أَنْ تُصَلَّى الصَّلَاتَانِ مَعًا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا) وَاحْتَجُّوا لِتَأْوِيلِهِمْ أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاةً قَطُّ إِلَّا فِي وَقْتِهَا إِلَّا صَلَاتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ» قَالُوا: وَأَيْضًا فَهَذِهِ الْآثَارُ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَا تَأَوَّلْنَاهُ نَحْنُ أَوْ تَأَوَّلْتُمُوهُ أَنْتُمْ. وَقَدْ صَحَّ تَوْقِيتُ الصَّلَاةِ وَتِبْيَانُهَا فِي الْأَوْقَاتِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَنْتَقِلَ عَنْ أَصْلٍ ثَابِتٍ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، أَمَّا الْأَثَرُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِي تَصْحِيحِهِ، فَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ «أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ تَبُوكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، قَالَ: فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا» وَهَذَا الْحَدِيثُ لَوْ صَحَّ لَكَانَ أَظْهَرَ مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ فِي إِجَازَةِ الْجَمْعِ ; لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ قَدَّمَ الْعِشَاءَ إِلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا إِنَّهُ أَخَّرَ

1 / 182