154

El principio del diligente y el fin del economizador

بداية المجتهد ونهاية المقتصد

Editor

فريد عبد العزيز الجندي

Editorial

دار الحديث

Año de publicación

1425 AH

Ubicación del editor

القاهرة

وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِمَامَةُ الْقَاعِدِ وَأَنَّهُ إِنْ صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا أَوْ قُعُودًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ يُعِيدُونَ الصَّلَاةَ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا إِنَّمَا عَلَى الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى الْمَنْعِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ. وَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ وَمُعَارَضَةُ الْعَمَلِ لِلْآثَارِ (أَعْنِي عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عِنْدَ مَالِكٍ) وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ حَدِيثَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ: أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَنَسٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ ﵊ «وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا» وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي مَعْنَاهُ، وَهُوَ «أَنَّهُ ﷺ صَلَّى وَهُوَ شَاكٍ جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ " إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» وَالْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فيه، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ كَمَا أَنْتَ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» فَذَهَبَ النَّاسُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَذْهَبَيْنِ: مَذْهَبَ النَّسْخِ، وَمَذْهَبَ التَّرْجِيحِ. فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ النَّسْخِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ ظَاهِرَ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَهُوَ " أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ كَانَ يَؤُمُّ النَّاسَ، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مُسْمِعًا " ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِمَامَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ النَّاسَ كَانُوا قِيَامًا، وَأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ كَانَ جَالِسًا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ فِعْلِهِ ﵊ إِذْ كَانَ آخِرُ فعله نَاسِخًا لِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ. وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ التَّرْجِيحِ فَإِنَّهُمْ رَجَّحُوا حَدِيثَ أَنَسٍ بِأَنْ قَالُوا إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدِ اضْطَرَبَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عَائِشَةَ فِيهِ فِيمَنْ كَانَ الْإِمَامَ، هَلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَوْ أَبُو بَكْرٍ؟ . وَأَمَّا مَالِكٌ فَلَيْسَ لَهُ مُسْتَنَدٌ مِنَ السَّمَاعِ لِأَنَّ كِلَا الْحَدِيثَيْنِ اتَّفَقَا عَلَى جَوَازِ إِمَامَةِ الْقَاعِدِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي قِيَامِ الْمَأْمُومِ أَوْ قُعُودِهِ، حَتَّى إِنَّهُ لقَدْ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ إِنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّاسَ صَلَّوْا لَا قِيَامًا وَلَا قُعُودًا، وَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ لِشَيْءٍ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْمُصْعَبِ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ النَّاسَ أَحَدٌ قَاعِدًا، فَإِن

1 / 162