El principio del diligente y el fin del economizador
بداية المجتهد ونهاية المقتصد
Investigador
فريد عبد العزيز الجندي
Editorial
دار الحديث
Año de publicación
1425 AH
Ubicación del editor
القاهرة
الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي الصَّلَوَاتِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ هِيَ مَا عَدَا الْفَرْضَ وَلَمْ يُفَرِّقْ سُنَّةً مِنْ نَفْلٍ، فَيَتَحَصَّلُ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ هِيَ الصَّلَوَاتُ بِإِطْلَاقٍ. وَقَوْلٌ: إِنَّهَا مَا عَدَا الْمَفْرُوضَ سَوَاءٌ أَكَانَتْ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا. وَقَوْلٌ: إِنَّهَا النَّفْلُ دُونَ السُّنَنِ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي مَنَعَ مَالِكٌ فِيهَا صَلَاةَ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْغُرُوبِ قَوْلٌ رَابِعٌ، وَهُوَ أَنَّهَا النَّفْلُ فَقَطْ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ، وَالنَّفْلُ وَالسُّنَنُ مَعًا عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ: اخْتِلَافُهُمْ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْعُمُومَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ فِي ذَلِكَ أَعْنِي الْوَارِدَةَ فِي السُّنَّةِ، وَأَيٌّ يُخَصُّ بِأَيٍّ؟ وَذَلِكَ أَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ ﵊: «إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمُ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا» يَقْتَضِي اسْتِغْرَاقَ جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَقَوْلُهُ فِي أَحَادِيثِ النَّهْيِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا» يَقْتَضِي أَيْضًا عُمُومَ أَجْنَاسِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَالسُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ، فَمَتَى حَمَلْنَا الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْعُمُومِ فِي ذَلِكَ وَقَعَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ هُوَ مِنْ جِنْسِ التَّعَارُضِ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ الْعَامِّ، وَالْخَاصِّ، إِمَّا فِي الزَّمَانِ، وَإِمَّا فِي اسْمِ الصَّلَاةِ.
فَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي الزَّمَانِ: أَعْنِي اسْتِثْنَاءَ الْخَاصِّ مِنَ الْعَامِّ مَنَعَ الصَّلَوَاتِ بِإِطْلَاقٍ فِي تِلْكَ السَّاعَاتِ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى اسْتِثْنَاءِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا بِالْقَضَاءِ مِنْ عُمُومِ اسْمِ الصَّلَاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا مَنَعَ مَا عَدَا الْفَرْضَ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ.
وَقَدْ رَجَّحَ مَالِكٌ مَذْهَبَهُ مِنِ اسْتِثْنَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مِنْ عُمُومِ لَفْظِ الصَّلَاةِ بِمَا وَرَدَ مِنْ قَوْلِهِ ﵊ «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» وَلِذَلِكَ اسْتَثْنَى الْكُوفِيُّونَ عَصْرَ الْيَوْمِ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، لَكِنْ قَدْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ أَيْضًا لِلنَّصِّ الْوَارِدِ فِيهَا، وَلَا يَرُدُّوا ذَلِكَ بِرَأْيِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمُدْرِكَ لِرَكْعَةٍ قَبْلَ الطُّلُوعِ يَخْرُجُ لِلْوَقْتِ الْمَحْظُورِ، وَالْمُدْرِكَ لِرَكْعَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ يَخْرُجُ لِلْوَقْتِ الْمُبَاحِ.
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ مِنْ عُمُومِ اسْمِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَعَلَّقَ النَّهْيُ بِهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ ; لِأَنَّ عَصْرَ الْيَوْمِ لَيْسَ فِي مَعْنَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَكَذَلِكَ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا فِي الصُّبْحِ لَوْ سَلَّمُوا أَنَّهُ يُقْضَى فِي الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَإِذًا الْخِلَافُ بَيْنَهُمْ آيِلٌ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ اللَّفْظُ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الْخَاصِّ
1 / 111