El comienzo y el fin
البداية والنهاية
Editorial
مطبعة السعادة
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Historia
في أربعة أيام قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ، وَأَنْبَتَ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، دَلَالَةً لِلْأَلِبَّاءِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ الْعِبَادُ إِلَيْهِ فِي شِتَائِهِمْ وَصَيْفِهِمْ، وَلِكُلِّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَيَمْلِكُونَهُ مِنْ حَيَوَانٍ بَهِيمٍ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ، وَجَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. فَجَعَلَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا. وَشَرَّفَهُ بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ. خَلَقَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ آدَمَ أَبَا الْبَشَرِ، وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَخَلَقَ مِنْهُ زَوْجَهُ حَوَّاءَ أُمَّ الْبَشَرِ فَآنَسَ بها وحدته، وأسكنهما جَنَّتَهُ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمَا نِعْمَتَهُ. ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ لِمَا سَبَقَ فِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ الْحَكِيمِ. وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، وَقَسَّمَهُمْ بِقَدَرِهِ الْعَظِيمِ مُلُوكًا وَرُعَاةً، وَفُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ، وَأَحْرَارًا وَعَبِيدًا، وَحَرَائِرَ وَإِمَاءً. وَأَسْكَنَهُمْ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، طُولَهَا وَالْعَرْضَ، وَجَعَلَهُمْ خَلَائِفَ فِيهَا يَخْلُفُ الْبَعْضُ مِنْهُمُ الْبَعْضَ، إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ. وَسَخَّرَ لَهُمُ الْأَنْهَارَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ، تَشُقُّ الْأَقَالِيمَ إِلَى الْأَمْصَارِ، مَا بَيْنَ صِغَارٍ وَكِبَارٍ، عَلَى مِقْدَارِ الْحَاجَاتِ وَالْأَوْطَارِ، وَأَنْبَعَ لَهُمُ العيون والآبار. وأرسل عليهم السحائب بالامطار، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع وَالثِّمَارِ. وَآتَاهُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلُوهُ بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَقَالِهِمْ: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار»:
فسبحان الكريم الْعَظِيمِ الْحَلِيمِ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ. وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمُ السَّبِيلَ وَأَنْطَقَهُمْ، أَنْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ إِلَيْهِمْ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ عَلَيْهِمْ: مُبَيِّنَةً حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَأَخْبَارَهُ وَأَحْكَامَهُ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَالسَّعِيدُ مَنْ قَابَلَ الْأَخْبَارَ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالْأَوَامِرَ بِالِانْقِيَادِ وَالنَّوَاهِيَ بِالتَّعْظِيمِ. فَفَازَ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَزُحْزِحَ عَنْ مَقَامِ الْمُكَذِّبِينَ فِي الْجَحِيمِ ذَاتِ الزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ، وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ أَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ يَمْلَأُ أَرْجَاءَ السموات وَالْأَرَضِينَ، دَائِمًا أَبَدَ الْآبِدِينَ، وَدَهْرَ الدَّاهِرِينَ، إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، في كل ساعة وآن وَوَقْتٍ وَحِينٍ، كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ الْعَظِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ وَوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ لَهُ، وَلَا صَاحِبَةَ له، ولا نظير وَلَا وَزِيرَ لَهُ وَلَا مُشِيرَ لَهُ، وَلَا عَدِيدَ وَلَا نَدِيدَ وَلَا قَسِيمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، الْمُصْطَفَى مِنْ خُلَاصَةِ الْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ مِنَ الصَّمِيمِ، خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، وَصَاحِبُ الْحَوْضِ الْأَكْبَرِ الرَّوَاءِ، صَاحِبُ الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَحَامِلُ اللِّوَاءِ الَّذِي يَبْعَثُهُ اللَّهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِي يَرْغَبُ إِلَيْهِ فِيهِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ حَتَّى الْخَلِيلُ إِبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ إِخْوَانِهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ أَزْكَى صَلَاةٍ وَتَسْلِيمٍ، وَأَعْلَى تَشْرِيفٍ وَتَكْرِيمٍ. وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْكِرَامِ، السَّادَةِ النُّجَبَاءِ الْأَعْلَامِ، خُلَاصَةِ الْعَالَمِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ. مَا اخْتَلَطَ الظَّلَامُ بِالضِّيَاءِ، وَأَعْلَنَ الدَّاعِي بِالنِّدَاءِ وَمَا نَسَخَ النَّهَارُ ظَلَامَ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ
1 / 5