347

El comienzo y el fin

البداية والنهاية

Editorial

مطبعة السعادة

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Historia
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ هَذَا النَّهْرُ هُوَ نَهْرُ الْأُرْدُنِّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّرِيعَةِ فَكَانَ مِنْ أَمْرِ طَالُوتَ بِجُنُودِهِ عِنْدَ هَذَا النَّهْرِ عَنْ أَمْرِ نَبِيِّ اللَّهِ لَهُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُ اخْتِبَارًا وَامْتِحَانًا أَنَّ مَنْ شرب من هذا النهر فَلَا يَصْحَبُنِي فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ وَلَا يَصْحَبُنِي إِلَّا مَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ إِلَّا غُرْفَةً فِي يَدِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ٢: ٢٤٩.
قَالَ السُّدِّيُّ كَانَ الْجَيْشُ ثَمَانِينَ أَلْفًا فَشَرِبَ منه ستة وسبعون ألفا فبقي معه أَرْبَعَةُ آلَافٍ كَذَا قَالَ وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ وَزُهَيْرٍ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ ﷺ نَتَحَدَّثُ أَنَّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَاوَزُوا مَعَهُ النَّهْرَ ولم يجاوز معه إلا بِضْعَةَ عَشْرَ وَثَلَاثُمِائَةِ مُؤْمِنٍ. وَقَوْلُ السُّدِّيِّ أَنَّ عِدَّةَ الْجَيْشِ كَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَرْضَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا تَحْتَمِلُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا جَيْشُ مُقَاتِلَةٍ يَبْلُغُونَ ثَمَانِينَ أَلْفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لَا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ٢: ٢٤٩ أَيِ اسْتَقَلُّوا أَنْفُسَهُمْ وَاسْتَضْعَفُوهَا عَنْ مُقَاوَمَةِ أَعْدَائِهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ عَدَدِ عَدُوِّهِمْ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله وَالله مَعَ الصَّابِرِينَ ٢: ٢٤٩ يعنى بها الفرسان مِنْهُمْ. وَالْفُرْسَانُ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَالْإِيقَانِ الصَّابِرُونَ عَلَى الْجِلَادِ وَالْجِدَالِ وَالطِّعَانِ. وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ ٢: ٢٥٠ طَلَبُوا مِنَ اللَّهِ أَنْ يُفْرِغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ أَيْ يَغْمُرَهُمْ بِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ فَتَسْتَقِرَّ قُلُوبُهُمْ وَلَا تَقْلَقَ وَأَنْ يُثَبِّتَ أَقْدَامَهُمْ فِي مَجَالِ الْحَرْبِ وَمُعْتَرَكِ الْأَبْطَالِ وَحَوْمَةِ الْوَغَى وَالدُّعَاءِ إِلَى النِّزَالِ فَسَأَلُوا التَّثَبُّتَ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ وَأَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِمُ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَأَعْدَائِهِ مِنَ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ بِآيَاتِهِ وَآلَائِهِ فَأَجَابَهُمُ الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ السَّمِيعُ البصير الحكيم الخبير الى ما سألوا وأنا لهم مَا إِلَيْهِ فِيهِ رَغِبُوا وَلِهَذَا قَالَ (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ الله) ٢: ٢٥١ أَيْ بِحَوْلِ اللَّهِ لَا بِحَوْلِهِمْ وَبِقُوَّةِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ لَا بِقُوَّتِهِمْ وَعَدَدِهِمْ مَعَ كَثْرَةِ أَعْدَائِهِمْ وَكَمَالِ عَدَدِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٣: ١٢٣ وَقَوْلُهُ تَعَالَى وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ ٢: ٢٥١ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَجَاعَةِ دَاوُدَ ﵇ وانه قتله قتلا أذل به جنده وكسره وَلَا أَعْظَمَ مِنْ غَزْوَةٍ يَقْتُلُ فِيهَا مَلِكٌ عَدُوَّهُ فَيَغْنَمُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَمْوَالَ الْجَزِيلَةَ وَيَأْسِرُ الْأَبْطَالَ وَالشُّجْعَانَ وَالْأَقْرَانَ وَتَعْلُو كَلِمَةُ الْإِيمَانِ عَلَى الْأَوْثَانِ وَيُدَالُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ. وَيَظْهَرُ الدِّينُ الْحَقُّ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَوْلِيَائِهِ وَقَدْ ذَكَرَ السُّدِّيُّ فِيمَا يَرْوِيهِ أَنَّ دَاوُدَ ﵇ كَانَ أَصْغَرَ أَوْلَادِ أَبِيهِ وَكَانُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ ذَكَرًا كَانَ سَمِعَ طَالُوتُ مَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يُحَرِّضُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى قَتْلِ جَالُوتَ وَجُنُودِهِ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ قَتَلَ جَالُوتَ زَوَّجْتُهُ بِابْنَتِي وَأَشْرَكْتُهُ فِي مُلْكِي وَكَانَ دَاوُدُ ﵇ يَرْمِي بِالْقَذَّافَةِ وَهُوَ الْمِقْلَاعُ رَمْيًا عَظِيمًا فَبَيْنَا هُوَ سَائِرٌ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ نَادَاهُ حَجَرٌ أَنْ خُذْنِي فَإِنَّ بِي تَقْتُلُ جَالُوتَ فَأَخَذَهُ ثُمَّ

2 / 8