182

El comienzo y el fin

البداية والنهاية

Editorial

مطبعة السعادة

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Historia
جَنَاحِهِ مِنْ قَرَارِهِنَّ وَكُنَّ سَبْعَ مُدُنٍ بِمَنْ فيهن من الأمم فقالوا إنهم كانوا أربع مائة نسمة. وقيل أربعة آلاف نَسَمَةٍ وَمَا مَعَهُمْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَمَا يَتْبَعُ تِلْكَ الْمُدُنَ مِنَ الْأَرَاضِي وَالْأَمَاكِنِ وَالْمُعْتَمَلَاتِ فَرَفَعَ الْجَمِيعَ حَتَّى بَلَغَ بِهِنَّ عَنَانَ السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ أَصْوَاتَ دِيَكَتِهِمْ وَنُبَاحَ كِلَابِهِمْ ثُمَّ قَلَبَهَا عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا قَالَ مُجَاهِدٌ فَكَانَ أَوَّلَ مَا سَقَطَ مِنْهَا شُرُفَاتُهَا (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً من سِجِّيلٍ) ١٥: ٧٤ وَالسِّجِّيلُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ الشَّدِيدُ الصُّلْبُ الْقَوِيُّ (مَنْضُودٍ) أَيْ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي نُزُولِهَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ (مُسَوَّمَةً) أَيْ مُعَلَّمَةً مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ حَجْرٍ اسْمُ صَاحِبِهِ الَّذِي يَهْبِطُ عَلَيْهِ فَيَدْمَغُهُ كَمَا قَالَ (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ) ٥١: ٣٤ وَكَمَا قَالَ تَعَالَى وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ ٢٦: ١٧٣ وَقَالَ تَعَالَى وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى. فَغَشَّاها مَا غَشَّى ٥٣: ٥٣- ٥٤ يَعْنِي قَلَبَهَا فَأَهْوَى بِهَا مُنَكَّسَةً عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَغَشَّاهَا بِمَطَرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ مُتَتَابِعَةٍ مرقومة عَلَى كُلِّ حَجَرٍ اسْمُ صَاحِبِهِ الَّذِي سَقَطَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ فِي بَلَدِهِمْ وَالْغَائِبِينَ عَنْهَا مِنَ الْمُسَافِرِينَ وَالنَّازِحِينَ وَالشَّاذِّينَ مِنْهَا وَيُقَالُ إِنَّ امْرَأَةَ لُوطٍ مَكَثَتْ مَعَ قَوْمِهَا وَيُقَالُ إِنَّهَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا وَبِنْتَيْهَا وَلَكِنَّهَا لَمَّا سَمِعَتِ الصَّيْحَةَ وَسُقُوطَ الْبَلْدَةِ وَالْتَفَتَتْ إِلَى قَوْمِهَا وخالفت أمر ربها قديما وحديثا وقالت وا قوماه فَسَقَطَ عَلَيْهَا حَجْرٌ فَدَمَغَهَا وَأَلْحَقَهَا بِقَوْمِهَا إِذْ كَانَتْ عَلَى دِينِهِمْ وَكَانَتْ عَيْنًا لَهُمْ عَلَى مَنْ يَكُونُ عِنْدَ لُوطٍ مِنَ الضِّيفَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ٦٦: ١٠ أي خانتاهما في الدين فلم يتبعاهما فِيهِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا كَانَتَا عَلَى فَاحِشَةٍ حاشا وكلا ولما. فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُقَدِّرُ عَلَى نَبِيٍّ أَنْ تَبْغِيَ امْرَأَتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ وَمَنْ قَالَ خِلَافَ هَذَا فَقَدَ أَخْطَأَ خَطَأً كَبِيرًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ لَمَّا أَنْزَلَ بَرَاءَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَعَاتَبَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّبَ وَزَجَرَ وَوَعَظَ وَحَذَّرَ وَقَالَ فِيمَا قَالَ (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هَذَا بُهْتانٌ عَظِيمٌ) ٢٤: ١٥- ١٦. أي سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة وقوله هاهنا (وَما هِيَ من الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) ١١: ٨٣ أَيْ وَمَا هَذِهِ الْعُقُوبَةُ بِبَعِيدَةٍ مِمَّنْ أَشْبَهَهُمْ فِي فِعْلِهِمْ. وَلِهَذَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ اللَّائِطَ يُرْجَمُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصَنًا أَوْ لَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَطَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ اللَّائِطَ يلقى من شاهق جبل وَيُتْبَعُ بِالْحِجَارَةِ كَمَا فُعِلَ بِقَوْمِ لُوطٍ لِقَوْلِهِ تعالى وَما هِيَ من الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ١١: ٨٣. وَجَعَلَ اللَّهُ مَكَانَ تِلْكَ الْبِلَادِ بَحْرَةً مُنْتِنَةً لا ينتفع بمائها

1 / 182