El comienzo y el fin
البداية والنهاية
Editorial
مطبعة السعادة
Ubicación del editor
القاهرة
Géneros
Historia
مِثْلَهُ نَفْسِي نَفْسِي. وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ بِطُولِهِ كَمَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي قِصَّةِ نُوحٍ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نُوحًا ﵇ دَعَاهُمْ إِلَى إِفْرَادِ الْعِبَادَةِ للَّه وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنْ لَا يَعْبُدُوا مَعَهُ صَنَمًا وَلَا تِمْثَالًا وَلَا طَاغُوتًا وَأَنْ يَعْتَرِفُوا بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الرُّسُلِ الَّذِينَ هُمْ كُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ٣٧: ٧٧ وَقَالَ فِيهِ وَفِي إِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ ٥٧: ٢٦ أَيْ كُلُّ نَبِيٍّ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ فَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ. وَكَذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ١٦: ٣٦ وقال تعالى وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا من دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ٤٣: ٤٥ وَقَالَ تَعَالَى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ٢١: ٢٥ وَلِهَذَا قَالَ نُوحٌ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ٧: ٥٩ وَقَالَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ١١: ٢٦ وَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ من إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ ٧: ٦٥ وَقَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ. يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِرارًا وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبارًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرارًا. فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهارًا مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقارًا. وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوارًا ٧١: ٢- ١٤ الْآيَاتِ الْكَرِيمَاتِ. فَذَكَرَ أَنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ بِأَنْوَاعِ الدَّعْوَةِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسِّرِّ وَالْإِجْهَارِ بِالتَّرْغِيبِ تَارَةً وَالتَّرْهِيبِ أُخْرَى وَكُلُّ هَذَا فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِمْ بَلِ اسْتَمَرَّ أَكْثَرُهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ وَالطُّغْيَانِ وَعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَأَوَانٍ وَتَنَقَّصُوهُ وَتَنَقَّصُوا مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَوَعَّدُوهُمْ بِالرَّجْمِ وَالْإِخْرَاجِ وَنَالُوا مِنْهُمْ وَبَالَغُوا فِي أَمْرِهِمْ (قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) ٧: ٦٠ أَيِ السَّادَةُ الْكُبَرَاءُ مِنْهُمْ (إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ. قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ٧: ٦٠- ٦١ أَيْ لَسْتُ كَمَا تَزْعُمُونَ مِنْ أَنِّي ضَالٌّ بَلْ عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَيِ الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ الله ما لا تَعْلَمُونَ ٧: ٦٢.
وَهَذَا شَأْنُ الرَّسُولِ أَنْ يَكُونَ بَلِيغًا أَيْ فَصِيحًا نَاصِحًا أَعْلَمَ النَّاسِ باللَّه ﷿. وَقَالُوا لَهُ فِيمَا قَالُوا (مَا نَراكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا من فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) ١١: ٢٧ تَعَجَّبُوا أَنْ يَكُونَ بَشَرًا رَسُولًا وَتَنَقَّصُوا بِمَنِ اتَّبَعَهُ وَرَأَوْهُمْ أَرَاذِلَهُمْ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَقْيَادِ النَّاسِ وَهُمْ ضُعَفَاؤُهُمْ كَمَا قَالَ هِرَقْلُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُمْ مِنَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُمْ بَادِيَ الرَّأْيِ أَيْ بِمُجَرَّدِ مَا دَعَوْتَهُمُ اسْتَجَابُوا لَكَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا رَوِيَّةٍ وهذا
1 / 107