Bertrand Russell: Una Introducción Muy Corta
برتراند راسل: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
من غير المؤكد ما إذا كان راسل محقا في الظن أن كل أتباع المثالية (بما فيهم لايبنتس) - وقبلهم فلاسفة العصور الوسطى أصحاب فكرة ميتافيزيقا المادة والصفة - كانوا ملتزمين بالرأي القائل بأن كل القضايا تتخذ شكل الموضوع والمحمول. ولكنه قطعا اعتبر أنه اكتشف خللا مهما للغاية في الفلسفة السابقة. وبعد رفض المثالية اتجه لفترة إلى النقيض منها؛ وهو أن يكون واقعيا حيال كل شيء. وكان على حد قوله «تابعا ساذجا لمذهب الواقعية» من حيث إنه كان يؤمن أن كل ما يدركه من صفات الأشياء المادية هي صفات حقيقية لها، وأنه كان تابعا لمذهب الواقعية من الزاوية الفيزيائية؛ لأنه كان يؤمن بأن كل الكيانات النظرية للفيزياء هي عبارة عن «كيانات موجودة فعليا» (تطوري الفلسفي، ص48-9)، وأنه كان تابعا لمذهب الواقعية من الزاوية الأفلاطونية؛ لأنه كان يؤمن كذلك بوجود - أو على الأقل ب «كينونة» (وهي درجة مخففة وربما أقل من الوجود) - «الأعداد والآلهة الإغريقية والروابط والكائنات الخرافية مثل وحش الكمير والأمكنة الرباعية الأبعاد» (مبادئ الرياضيات ص449). ولاحقا شذب راسل هذا الكون الباذخ بتطبيق قاعدة نصل أوكام، وهو المبدأ القائل بأنه لا ينبغي زيادة عدد الكيانات دون ضرورة. فعلى سبيل المثال، إذا كان من الممكن شرح الأشياء المادية باستفاضة في سياق الكيانات دون الذرية، فينبغي ألا تحتوي القائمة الأساسية لمكونات الكون على الأشجار من جهة وأيضا على اللبتونات والكواركات وغيرها من الجسيمات القياسية التي تتألف منها الأشجار من جهة أخرى. وكانت هذه هي الطريقة التي طبق بها أسلوب التحليل فيما بعد. ولكنه كان لا يزال يؤمن بصيغة شاملة من مذهب الواقعية في كتاب «مبادئ الرياضيات»؛ فعاد إلى الواقعية بعد أن اطلع على أعمال جيوسيبي بيانو في باريس في عام 1900.
أصول الرياضيات
كان لايبنتس يحلم بوجود «لغة شاملة»، وهي لغة شاملة ودقيقة تماما، ستحل عند استخدامها كل المشكلات الفلسفية. وأقر راسل - في كتابه الذي يتناول لايبنتس - أن هذا الحلم كان توقا إلى اكتشاف منطق رمزي، كان يقصد به راسل آنذاك الجبر البولياني الذي وضعه جورج بول في منتصف القرن التاسع عشر. ولكنه لم يكن يظن في تلك المرحلة أن لايبنتس كان على الصواب في افتراض أنه يمكن حل المشكلات الفلسفية باستخدام التفاصيل الفنية التي يقوم عليها نظام منطقي استدلالي؛ لأن الأسئلة المهمة حقا في الفلسفة تتعلق بشئون «سابقة على الاستدلال»، وهي المفاهيم أو الحقائق المشار إليها في المقدمات التي ينطلق منها الاستنتاج. وكان راسل يؤكد أنه أيا كانت هذه المشكلات، فإن المنطق لا يقدمها لنا؛ إذ إن المنطق يمكنه مساعدتنا في الاستدلال عليها فقط.
ولكن راسل غير رأيه حين اطلع على أعمال بيانو. واستلهم راسل على الفور من خطوات التقدم التي حققها بيانو في الأسلوب المنطقي (سبقه إليها جوتلوب فريجه، ولكن ذلك لم يدركه أي من بيانو أو راسل آنذاك) طرقا لصياغة المبادئ الأساسية للمنطق، ولعرض شيئين في غاية الأهمية؛ أولا: كيفية تعريف كل مفاهيم الرياضيات من حيث المبادئ الأساسية، وثانيا: كيفية إثبات كل الحقائق الرياضية انطلاقا من تلك المبادئ الأساسية. باختصار، استلهم راسل منها كيفية إثبات أن لا فارق بين المنطق والرياضيات. وهذا هو الهدف من كل من كتاب «مبادئ الرياضيات»، وصيغته الأكثر استفاضة وهو كتاب «أصول الرياضيات».
ويعرف مشروع اشتقاق الرياضيات من المنطق باسم «النزعة المنطقية». ولم يسع راسل في كتاب «مبادئ الرياضيات» إلى مناقشة هذه الجزئية من البرنامج باستفاضة؛ إذ لم يزد عن تقديم وصف مختصر سطحي. لكنه أدرج المناقشة المستفيضة في كتاب «أصول الرياضيات». وكان من بين أهم الأسباب التي دعت راسل إلى تأجيل المهمة حتى إصدار كتاب «أصول الرياضيات» هو أنه اكتشف وجود تناقض ظاهري؛ مما كان يهدد المشروع بأكمله.
كانت أول مهمة ينفذها راسل هي تعريف مفاهيم الرياضيات باستخدام أقل عدد ممكن من المفاهيم المنطقية البحتة. (فيما يأتي ثلاث فقرات تحتوي على تفاصيل فنية مبسطة، ويجب ألا تعيق القارئ.) إذا جعلنا الحرفين
و
يرمزان إلى القضايا، تكون هذه المفاهيم كما يأتي: النفي (ليس )، والفصل (
أو )، والربط (
و )، والتضمين (إذا كان
Página desconocida