198

حولت اهتمامي إلى الأسرة التي تجلس على المقاعد الموازية في الناحية الأخرى. تألفت من شقراء انهمكت في طلاء أظافرها بلون أحمر فاقع، ثم تحولت إلى طفلة كبيرة في العاشرة من عمرها فقبلتها وجذبت رأسها إلى حجرها. أما رفيقها فقد أمسك بكتاب قديم الغلاف وقرأ فيه صفحتين ثم وضعه جانبا.

كان وجه الشقراء جميلا ذا بشرة ناعمة بلا تجعيدة واحدة. ومع ذلك كان في عينيها نظرة حادة وربما قاسية. وكان رفيقها ممتلئا بلا ترهل، يرتدي قميصا جديدا وبزة من القماش الاصطناعي اللامع.

تحرك القطار ونهض الثلاثة واقفين. قالت المرأة للأخرى ذات السترة الحمراء إنهم ذاهبون إلى عربة الأكل ورجتها أن تأخذ بالها من المقاعد. رحبت المرأة بهذه المهمة وأخذت تستعرض حقائب الأسرة والكتب التي تركوها على مسند النافذة.

في المحطة التالية صعدت امرأة شابة خلفها عجوز نشطة، يشبه وجهها الأسمر وجه فلاح من الريف المصري مليئا بالتجاعيد والغضون. وعلى الرصيف وقفت شابة تعيد عليها بصوت مرتفع قائمة توصيات وتشكرها على زيارتها. توقفت العجوز أمام المقاعد الخالية فخاطبتها ذات السترة الحمراء في صرامة: المقاعد محجوزة وأصحابها في عربة الطعام.

اعتذرت العجوز قائلة:

إنتشولديجونج ، «آسفة». ونغمتها كما تفعل سيدات

باب الشعرية

في

القاهرة

عندما يقلن: «لا مؤاخذة يا أختي». وظلت المرأة تكرر هذه العبارة كلما اقترب أحد من المكان.

Página desconocida