وضحك ثم استطرد: لذلك لا أعجب لخصام أمتين أو ثلاث.
وساءلت المرأة نفسها بتوتر: متى ينتهي الضرب؟
فقال بلهجة ودية جدا: لا تخافي يا مدام، سينتهي الضرب عاجلا، ويذهب كل منا إلى طريقه، ولكني أود أن أنتهز هذه الفرصة لأحقق فكرة جميلة خطرت لي الآن فقط.
نظر إليه المعتدل مستطلعا في غير حماس، على حين نظرت المرأة في ساعة يدها. - سوف أحال على المعاش بعد شهر واحد، أي إنني سأنقطع عن رؤيتكما بعد تلك العشرة الطويلة العزيزة.
فقال الآخر: وأنا أيضا سأحال إلى المعاش في نهاية هذا العام. - هذا أدعى إلى تحقيق الفكرة، وهي أن نحتفل بذكرى لقائنا الطويل على مدى أكثر من ثلاثين عاما!
وقلب وجهه بينهما في حماس، وقد أخذ الهدوء يخيم في الخارج رويدا، وإن لم تطلق بعد زمارة الأمان، ثم قال: أود أن أدعوكما إلى عشاء بسيط بمطعم كريسنتم بالهرم، ما رأيك يا أستاذ؟
فقال الآخر بنبرة سلبية: بكل سرور إن سمح الوقت. - ستقبل الدعوة حتما خصوصا إذا قبلتها المدام، ما رأيك يا مدام؟
انتزعت المدام نفسها من قلقها مرة أخرى، وتمتمت: لكن ... - لا لكن ألبتة، إنه سلوك لا عيب فيه عندكم، ودعوتي واضحة البراءة، ورفضها غير إنساني.
ابتسمت ابتسامة خفيفة اعتدها الرجل قبولا، فبادر يقول: شكرا، سنتفق على الميعاد في صباح قريب.
اتفقوا على الميعاد صباح اليوم الثالث لوقف القتال. وتقابلوا في ميدان التحرير، ثم استقلوا تاكسي إلى كريسنتم فبلغوه قبيل الغروب. وفي أثناء ذلك تم التعارف بينهم، فقدم الطويل نفسه قائلا: «علي بركة، مترجم»، وقال الآخر: «سيد عزت، مدير حسابات»، وقالت المدام: «مدام ماتياس، خياطة في ماي ستار». وجلسوا في حجرة خاصة يحجبها عن بقية المحل باب موارب يقوم خلفه برافان. وأوصى علي بركة على عشاء حمام وكبد، وأمر بكونياك، ونظر إلى سيد عزت ورفع كأسه قائلا: لنشرب نخب شباب عام 1925، أما أنت يا مدام فما زلت شابة.
Página desconocida